التحديات البيئية للصيد بالشباك الجرّافة القاعية وتأثيرها على المناخ

تعتبر ممارسة الصيد بالشباك الجرّافة القاعية واحدة من أكثر الطرق إثارة للجدل في عالم الصيد البحري. وعلى الرغم من الجدل الدائر حولها، فإنها تساهم بحوالي ربع الإمداد العالمي من المأكولات البحرية. تكمن المشكلة في أن هذه الطريقة تؤدي إلى تدمير البيئات البحرية الهشة وإطلاق كميات كبيرة من الكربون المخزن في رواسب قاع المحيط، مما يؤثر سلباً على المناخ العالمي.

مفهوم الشباك الجرّافة القاعية وآثارها البيئية

تعمل الشباك الجرّافة القاعية عن طريق سحب شبكة ثقيلة الوزن عبر قاع البحر بسرعة وبدون تمييز، مما يؤدي إلى تدمير الموائل البحرية مثل الشعاب المرجانية والحدائق القاعية. وتحتجز هذه الشباك أعداداً كبيرة من الكائنات التي ليست مستهدفة، مما يزيد من الفاقد في الحياة البحرية.

تُعتبر هذه الممارسة مضرة بشكل خاص للكائنات البحرية الصغيرة مثل أسماك القرش الصغيرة والشفنينات، حيث يتم صيدها دون قصد وتُلقى ميتة على ظهر السفن. وقد أظهرت لقطات حديثة من فيلم وثائقي لديفيد أتينبورو هذه العملية بشكل واضح، مسلطة الضوء على الأضرار الجسيمة التي تلحق بالبيئة البحرية.

الآثار المناخية للصيد بالشباك الجرّافة القاعية

تُعد المحيطات أكبر مستودع للكربون على سطح الأرض، حيث تمتص حوالي 30% من ثاني أكسيد الكربون الناتج عن الأنشطة البشرية. هذا الكربون يُخزن في الأنسجة العضوية للكائنات الحية الدقيقة التي تغرق إلى قاع البحر عند موتها، حيث تُدفن في الرواسب.

تعمل الشباك الجرّافة القاعية على إثارة هذه الرواسب، مما يعرض الكربون المخزن في قاع البحر للأكسجين والنشاط الميكروبي. هذا التحول يؤدي إلى تحويل الكربون إلى أشكال كيميائية أخرى، يمكن أن تسهم في تحمض المحيطات أو تنبعث في الجو كثاني أكسيد الكربون.

النقاش العلمي حول انبعاثات الكربون

هناك نقاش مستمر بين العلماء حول كمية الكربون التي تعود إلى الجو نتيجة لهذه الممارسات. بعض العلماء يعتقدون أن نسبة كبيرة من الكربون المثار ينطلق إلى الغلاف الجوي، بينما يرى آخرون أن العمليات البيوجيوكيميائية في المحيطات تستطيع امتصاص أو تحويل الكربون بطرق تقلل من تأثيراته السلبية.

درست بعض الأبحاث التأثيرات المناخية لهذه الممارسات، مشيرة إلى أن الكربون المثار يمكن أن ينافس انبعاثات الطيران العالمي إذا تم إطلاقه بالكامل إلى الجو. ومع ذلك، هناك خلاف حول مدى دقة هذه التقديرات نظرًا لتعقيدات دورة الكربون في المحيطات.

المخاطر المحتملة لإطلاق الميثان

الميثان، وهو غاز دفيئة أكثر قوة من ثاني أكسيد الكربون، يمثل متغيراً آخراً يجب أخذها في الاعتبار عند دراسة تأثيرات اضطراب قاع البحر. في بعض المناطق الضحلة، يمكن أن يؤدي الصيد بالشباك الجرّافة القاعية إلى إطلاق الميثان المخزن في الهيدرات الميثانية.

تُعتبر هذه المشكلة ذات أهمية خاصة في المناطق القريبة من السواحل حيث توجد ترسبات الميثان، مثل الجرف السيبيري، حيث يمكن أن تؤدي الممارسات البشرية إلى إطلاق كميات كبيرة من الميثان في الغلاف الجوي.

الخاتمة

الصيد بالشباك الجرّافة القاعية يمثل تحدياً بيئياً كبيراً بسبب تأثيراته السلبية على النظم البحرية والمناخ. بينما تظل كمية الكربون المنبعثة من هذه الممارسات موضع نقاش علمي، إلا أن هناك اتفاقاً على أن تجنب إثارة رواسب قاع البحر يمكن أن يساعد في الحفاظ على الكربون محبوساً ويقلل من تأثيرات تغير المناخ. من المهم أن يتم إعادة النظر في هذه الممارسات في ضوء التغيرات المناخية الحالية وتداعياتها المحتملة على بيئتنا.

Scroll to Top