البحث عن الحياة خارج الأرض: بين الفضول العلمي والاحتراز

لطالما أثار البحث عن الحياة خارج الأرض اهتمام العلماء والجمهور على حد سواء، وتراوحت الآراء بين الفضول العلمي والشكوك المطلقة. في الآونة الأخيرة، ادعى العلماء العثور على “أقوى دليل” على وجود حياة على كوكب خارجي بعيد.

الأدلة والاحتراز في العلـوم الفلكية

رغم العناوين الجذابة التي تعد بإثبات أننا لسنا وحدنا في الكون، يظل العلماء حذرين. هذا الحذر ليس فريدًا في علم الفلك، فالتقدم العلمي الكبير نادرًا ما يُقبل بسرعة. النظريات العلمية الكبرى مثل قوانين نيوتن للحركة والتغير المناخي واجهت انتقادات قبل أن تحصل على إجماع.

تتطلب الادعاءات غير العادية أدلة غير عادية. من بين الأدلة السابقة في بحثنا عن الحياة خارج الأرض، كانت هناك ادعاءات بإشارات حيوية في غلاف الزهرة الجوي واكتشافات على المريخ. لكن، بعد التدقيق، تبين أن العمليات اللاأحيائية أو الكشف الخاطئ كانت تفسيرات أكثر احتمالاً.

دراسة الكوكب الخارجي K2-18b

في حالة الكوكب الخارجي K2-18b، أعلن العلماء عن اكتشاف غازات في غلافه الجوي باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي، من بينها الميثان وثاني أكسيد الكربون، والأهم، مركبات تُعرف باسم ثنائي ميثيل الكبريت وثنائي ميثيل ثنائي الكبريت. على الأرض، تُنتج هذه المركبات بواسطة الكائنات الحية فقط.

إذا تأكد وجودها بوفرة، فقد تشير إلى وجود حياة ميكروبية. ومع ذلك، لم تعلن بعد الأوساط العلمية عن اكتشاف حياة خارج الأرض لأن الدليل يتطلب تأكيدًا ودراسة أعمق.

التحديات في إثبات الحياة خارج الأرض

لا يرى التلسكوب الفضائي جزيئات مباشرةً، بل يقيس كيف يمر الضوء عبر غلاف الكوكب. تعتمد هذه الطريقة على نماذج معقدة تفترض فهمنا للتفاعلات البيولوجية والظروف الجوية على كوكب يبعد 120 سنة ضوئية.

المشكلة تكمن في أن الطيف الذي يشير إلى وجود المركبات قد ينتج عن جزيء غير مكتشف أو غير مفهوم بعد. هذه الفرضيات تجعل العلماء يميلون إلى الحذر، خاصة عندما يتعلق الأمر باكتشاف هام كاكتشاف حياة خارج الأرض.

مقارنة مع تغير المناخ

عند مقارنة البحث عن الحياة خارج الأرض بالتغير المناخي، نجد أنه في الأخير لدينا ملاحظات مباشرة من مصادر متعددة. بينما يعتمد البحث عن الحياة خارج الأرض على ملاحظات متكررة من أجهزة بعيدة. في مثل هذه الحالات، تكون الأخطاء النظامية أكثر تكلفة.

التغير المناخي كان مدعومًا باختبارات جوية في ظروف مختبرية منذ عام 1927، بينما تعتمد أدلة الحياة خارج الأرض على بيانات تأتي من سنوات ضوئية بعيدة، عبر أداة واحدة، وبدون أي عينات مباشرة.

الخاتمة

البحث عن الحياة خارج الأرض لا يُحتفظ بمعايير علمية أعلى، لكنه مقيد بعدم القدرة على اكتشاف وتحديد خطوط متعددة من الأدلة بشكل مستقل. الادعاءات الحالية حول K2-18b تبقى مثيرة للاهتمام ولكن غير حاسمة. نستمر في البحث ليس لأننا حذرون بشكل مفرط، ولكن لأننا محقون في ذلك.

Scroll to Top