لطالما اعتقد الجيولوجيون أن الأنهار قبل ظهور النباتات كانت تسير في أنماط متموجة، وأن الأنهار الملتوية لم تتشكل إلا بعد أن أخذت النباتات جذورها واستقرت ضفاف الأنهار. لكن دراسة جديدة نشرت في مجلة Science في 21 أغسطس 2025، تقترح أن هذه النظرية قد تكون مبنية على تفسير خاطئ للسجل الجيولوجي.
الأهمية الجيولوجية للأنهار
تعتبر الأنهار واحدة من أبرز المعالم الجيولوجية التي تساهم في تشكيل سطح الأرض. تتنوع الأنهار بين نمطين رئيسيين: الأنهار المتموجة، حيث تتدفق قنوات متعددة حول حواجز رملية، والأنهار الملتوية التي تشكل منحنيات على شكل حرف S عبر المناظر الطبيعية. يعتقد الجيولوجيون منذ فترة طويلة أن الأنهار القديمة كانت تسير في نمط متموج قبل ظهور النباتات.
لكن الدراسة الجديدة تشير إلى أن الأنهار الملتوية غير النباتية يمكن أن تترك رواسب رسوبية تبدو مشابهة بشكل خادع لتلك الخاصة بالأنهار المتموجة. هذا الاكتشاف له أهمية كبيرة لفهمنا للبيئة والمناخ القديم للأرض.
العلاقة بين الأنهار والنباتات
تعتبر الأنهار الملتوية من بين أكثر النظم الإيكولوجية ديناميكية، حيث تساهم في تشكيل الطمي على مدى آلاف السنين. تلعب هذه الأنظمة دورًا رئيسيًا في تخزين الكربون، وهي إحدى أهم العمليات التي تؤثر على مناخ الأرض. الكربون في الغلاف الجوي، على شكل ثاني أكسيد الكربون، يعمل كمنظم لدرجة حرارة الأرض على مدى فترات زمنية طويلة.
أوضح الباحثون أن الأنهار الملتوية يمكن أن تخزن الكربون في السهول الفيضية لفترات أطول مما كان يعتقد سابقًا. هذا يعيد النظر في الفهم التقليدي الذي يفترض أن الأنهار الملتوية لم تكن موجودة إلا في المئات من ملايين السنين الأخيرة.
تأثير الغطاء النباتي على الأنماط النهرية
قام الباحثون بفحص صور الأقمار الصناعية لحوالي 4500 منعطف في 49 نهرًا ملتويًا حاليًا. نصف هذه الأنهار كانت غير نباتية والنصف الآخر كان مغطى بالنباتات بشكل جزئي أو كثيف. ركز الباحثون على الأراضي الرملية التي تتشكل على الانحناءات الداخلية للأنهار الملتوية نتيجة ترسب الرواسب.
لاحظ العلماء أن الأماكن التي تتشكل فيها هذه الأراضي الرملية تعتمد على نمط النهر، وهو ما يمكن أن يغير الفهم التقليدي لتاريخ النهر. في ظل غياب الغطاء النباتي، تميل الأراضي الرملية إلى الهجرة نحو التيار، مما يجعلها تبدو مشابهة للأنهار المتموجة.
إعادة تقييم السجل الجيولوجي
تقدم الاكتشافات الحديثة نافذة جديدة على ماضي الأرض، حيث تقلب الفكرة التقليدية حول كيفية تشكيل الأنهار للقارات. إذا كانت السهول الفيضية المحملة بالكربون قد تشكلت على نطاق أوسع في التاريخ، فقد يحتاج العلماء إلى مراجعة النماذج المتعلقة بتغيرات المناخ الطبيعية الكبرى عبر الزمن.
يؤكد الباحثون على أهمية السجل الجيولوجي في توفير قاعدة بيانات دقيقة لفهم كيفية استجابة كوكبنا للتغيرات المناخية التي يسببها الإنسان. لكن هذا السجل لن يكون ذو فائدة إلا إذا تم تفسيره بشكل صحيح.
الخاتمة
تشير الدراسة إلى أن فهمنا لدور الأنهار في تخزين الكربون قد يكون غير مكتمل، مما يستدعي إعادة تقييم لكيفية تأثير الأنهار على المناخ وتاريخ الأرض. تظهر الأبحاث الحديثة أن الأنهار الملتوية غير النباتية يمكن أن تخزن الكربون لفترات طويلة، وهو ما يغير الفهم التقليدي لعلاقة الأنهار بالنباتات وتأثيرها على البيئة.