اكتشافات جديدة حول انتشار الزواحف القديمة بعد الانقراض البرمي

في دراسة حديثة نشرتها مجلة Nature Ecology and Evolution، قام باحثون من جامعتي برمنغهام وبريستول بتطوير طريقة جديدة للتحليل الجغرافي لفهم كيف انتشرت الزواحف القديمة، المعروفة باسم الأركوصورات، بعد حدث الانقراض البرمي العظيم، أحد أكثر الأحداث المناخية تأثيرًا في تاريخ الأرض.

الزواحف الأولى وتحديات البقاء

كان يُعتقد سابقًا أن الأركوصورات الأولى، التي كانت تشبه بعض الزواحف الحديثة وكانت أصغر بكثير من الديناصورات المعروفة، لم تكن قادرة على البقاء إلا في أجزاء معينة من العالم بسبب الحرارة الشديدة في المناطق الاستوائية، التي كانت تُعتبر منطقة ميتة في العصر الترياسي المبكر.

لكن باستخدام تقنية نمذجة جديدة تعتمد على إعادة بناء المناظر الطبيعية والأشجار التطورية، تمكن فريق الباحثين من اكتشاف أدلة حول كيفية تحرك هذه الزواحف في جميع أنحاء العالم خلال تلك الفترة، بعد الانقراض الذي قضى على أكثر من نصف الحيوانات البرية و81% من الحياة البحرية.

قدرة الأركوصورات على الانتشار والبقاء

الأركوصورات التي نجت من حدث الانقراض أصبحت ذات أهمية كبيرة في النظم البيئية الأرضية في العصر الترياسي، مما أدى إلى تطور الديناصورات. يقترح الفريق أن نجاحها اللاحق كان جزئيًا بسبب قدرتها على الهجرة لمسافات تصل إلى 10,000 ميل عبر المنطقة الاستوائية الميتة للوصول إلى نظم بيئية جديدة.

الدكتور جوزيف فلانيري-ساذرلاند من جامعة برمنغهام والمؤلف المشارك للدراسة قال: “في ظل أسوأ حدث مناخي في تاريخ الأرض، حيث ماتت أنواع أكثر من أي فترة سابقة، استمرت الحياة في البقاء. نعلم أن الأركوصورات كمجموعة تمكنت من الخروج من هذا الحدث وأصبحت على مدار العصر الترياسي واحدة من اللاعبين الرئيسيين في تشكيل الحياة بعد ذلك.”

فهم أفضل من خلال الفجوات في السجل الأحفوري

أوضح الدكتور فلانيري-ساذرلاند أن الفجوات في سجلهم الأحفوري بدأت تخبرهم بشيء عما لم يكونوا يرونه عندما يتعلق الأمر بهذه الزواحف. باستخدام نظام النمذجة الخاص بهم، كانوا قادرين على بناء صورة لما كان يحدث للأركوصورات في هذه الفجوات وكيف انتشرت عبر العالم القديم. هذا ما دفعهم إلى تسمية طريقتهم TARDIS، حيث كانوا ينظرون إلى التضاريس والمسارات الموجهة في الزمكان.

نتائجهم تشير إلى أن هذه الزواحف كانت أكثر صلابة تجاه المناخ القاسي لمنطقة بانجيا الاستوائية الميتة، قادرة على تحمل هذه الظروف الجحيمية للوصول إلى الجانب الآخر من العالم. من المحتمل أن تكون هذه القدرة على البقاء في المناطق الاستوائية المعادية قد منحتهم ميزة جعلتهم يزدهرون في العالم الترياسي.

التحديات والبيئة القديمة

يقول البروفيسور مايكل بينتون من جامعة بريستول، المؤلف الرئيسي للدراسة، “تطور الحياة كان يتحكم فيه في بعض الأحيان البيئة، لكن من الصعب دمج معرفتنا المحدودة وغير المؤكدة عن المناظر الطبيعية القديمة مع معرفتنا المحدودة وغير المؤكدة عن بيئة الكائنات المنقرضة. لكن من خلال الجمع بين الحفريات والخرائط المعاد بناؤها للعالم القديم، في سياق الأشجار التطورية، نوفر طريقة للتغلب على هذه التحديات.”

الخاتمة

تقدم هذه الدراسة رؤى جديدة حول كيفية انتشار الزواحف القديمة بعد كارثة الانقراض البرمي، مما يوفر فهمًا أعمق لكيفية تكيف الحياة مع التغيرات المناخية القاسية وكيف أن هذه التكيفات لعبت دورًا رئيسيًا في تشكيل الحياة على الأرض في العصور اللاحقة. باستخدام تقنيات النمذجة الجديدة، أصبح بالإمكان استكشاف الفجوات في السجل الأحفوري وفهم ديناميكيات حركة الكائنات القديمة في العالم القديم.

Scroll to Top