تعتبر موجات الجاذبية من الظواهر الكونية الرائعة التي قد تساعد يومًا ما في فك بعض أعمق أسرار الكون، بما في ذلك كيفية عمل الجاذبية على مستوى أساسي. نشر الباحثون في مجلة The Astrophysical Journal Letters دراسة مهمة قد تقودنا إلى فهم أعمق لهذه الظاهرة.
موجات الجاذبية: مفهومها وأهميتها
تُشبه الأرض في هذا السياق بجسم صغير يطفو في محيط عاصف، حيث تتفاعل الثقوب السوداء الهائلة في الكون في رقصة دائرية حتى تصطدم ببعضها البعض. هذه الاصطدامات تولد موجات جاذبية تنتشر عبر الكون، وهي تشبه الضوضاء الخلفية التي تغمر كوكبنا باستمرار.
لكن هذه الموجات تمر ببطء شديد، قد تأخذ سنوات أو حتى عقود لتجاوز الأرض. ويعمل فريق بحثي من مشروع NANOGrav على قياس هذا المحيط الكوني من الموجات الجاذبية وكيفية تأثيرها على الزمكان.
دور الكوازارات في الكشف عن موجات الجاذبية
في البحث الأخير، استعان العالم دارلينغ بكائنات سماوية أخرى تُعرف بالكوازارات، وهي ثقوب سوداء هائلة السطوع تقع في مراكز المجرات. يقوم دارلينغ بقياس كيفية تحرك هذه الكوازارات بالنسبة لبعضها البعض في السماء للبحث عن إشارات من موجات الجاذبية.
رغم أنه لم يتمكن من اكتشاف هذه الإشارات بعد، إلا أن هذا قد يتغير مع توفر المزيد من البيانات. تعمل موجات الجاذبية في ثلاثة أبعاد، حيث تمدد وتضغط الزمكان على طول خط رؤيتنا، لكنها تتسبب أيضًا في ظهور الأشياء وكأنها تتحرك ذهابًا وإيابًا في السماء.
التحديات في قياس حركة الأجرام السماوية
يُعتبر قياس حركة الأجرام السماوية مجالًا معقدًا، حيث تحتاج العملية إلى دقة تزيد عشر مرات عن ما يتطلبه رؤية نمو ظفر إنسان على القمر من الأرض. بالإضافة إلى ذلك، فإن كوكبنا يتحرك بسرعة كبيرة في الفضاء مما يزيد من تعقيد عملية القياس.
تطلب الأمر من دارلينغ استخدام بيانات من القمر الصناعي جايا التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، حيث قام بتحليل تحركات ملايين الكوازارات على مدى ثلاث سنوات. هذا التحليل لم يكن كافيًا بعد لإثبات أن موجات الجاذبية تتسبب في اهتزاز الكوازارات، لكنه يعد خطوة هامة في هذا الاتجاه.
الخاتمة
تكمن أهمية هذا البحث في إمكانية اكتشاف كيفية تطور المجرات في الكون وفهم الأسس الفيزيائية للجاذبية. ومن المتوقع أن تُصدر فريق جايا بيانات جديدة في عام 2026، مما يوفر مجموعة جديدة من المعلومات التي قد تكشف عن أسرار الخلفية الكونية لموجات الجاذبية.
تفتح هذه الأبحاث آفاقًا جديدة لفهم الكون المحيط بنا، وتُقدم لنا فرصًا لاكتشاف المزيد عن طبيعة الجاذبية وكيفية تأثيرها على الأجرام السماوية، وهي خطوة متقدمة نحو حل ألغاز الكون.