فهم جديد لجزيئات النيوترينو في المجرات النشطة

تعتبر جزيئات النيوترينو أحد الأسرار الكبيرة في عالم الفيزياء الفلكية. وتساهم الاكتشافات الحديثة حول هذه الجزيئات في تقديم رؤى جديدة حول البيئات القاسية في المجرات النشطة مثل المجرة NGC 1068. يعمل علماء الفيزياء النظرية من جامعات مرموقة على دراسة هذه الجزيئات لفهم طرق إنتاجها والتفاعلات التي تخضع لها في الظروف الفلكية المختلفة.

العيون المدفونة في الجليد: مرصد آيس كيوب للنيوترينو

في أعماق الجليد في القارة القطبية الجنوبية، توجد مجموعة من الكواشف تُعرف باسم مرصد آيس كيوب للنيوترينو. هذه الكواشف مصممة لاكتشاف جزيئات النيوترينو التي تمر عبر الجليد وتتفاعل معه لتخلق جزيئات مشحونة يمكن رصدها. يتألف المرصد من 5,160 حساساً مغروساً في الجليد الشفاف المضغوط، ويعتبر أداة فريدة لدراسة جزيئات النيوترينو.

تختلف هذه “العيون” عن التلسكوبات التقليدية التي تعتمد على الضوء لرصد النجوم، حيث أن الأنظمة الفلكية النشطة تصدر أيضاً نيوترينوات. ولفهم هذه الجزيئات، نحتاج إلى نوع مختلف من التلسكوبات، وهو ما يوفره مرصد آيس كيوب في القطب الجنوبي.

لغز إشارة النيوترينو القوية من المجرة NGC 1068

البيانات التي تم الحصول عليها من المجرة NGC 1068 تثير دهشة العلماء، حيث أنها تشير إلى إشارة قوية للنيوترينو مصحوبة بانبعاث ضعيف لأشعة غاما. عادةً ما يُعتقد أن النيوترينوات النشطة من المراكز المجرية تنشأ من تفاعلات بين البروتونات والفوتونات، مما ينتج أشعة غاما ذات كثافة مماثلة. لكن في حالة NGC 1068، يبدو أن هناك آلية جديدة لإنتاج النيوترينو.

اقترح الباحثون أن النيوترينوات عالية الطاقة من المجرة NGC 1068 ناتجة عن تحلل النيوترونات عند تفكك نوى الهيليوم في الجتات المجرية تحت تأثير الأشعة فوق البنفسجية الشديدة. وعند اصطدام نوى الهيليوم بالفوتونات فوق البنفسجية المنبعثة من المنطقة المركزية للمجرة، تتفكك نوى الهيليوم وتحرر النيوترونات التي تتحلل لاحقاً إلى نيوترينوات.

تأثير هذه الاكتشافات على فهمنا للكون

تساهم هذه الاكتشافات في توسيع معرفتنا بكيفية انبعاث النيوترينوات القوية من المجرات النشطة دون انبعاث مماثل لأشعة غاما، مما يسلط الضوء على الظروف المعقدة المحيطة بالثقوب السوداء الهائلة. وتساعد هذه الأبحاث في فهم البيئة القريبة من الثقوب السوداء الهائلة، بما في ذلك الثقب الأسود في مركز مجرتنا.

وقد أشارت الدراسة إلى أن النيوترونات، عند تحللها، يمكن أن تنتج نيوترينوات دون إنتاج أشعة غاما، مما يجعل الهيليوم المصدر الأكثر ترجيحاً للنيوترينوات المرصودة من NGC 1068. ويكشف العمل عن وجود مصادر نيوترينو فلكية مخفية قد تكون قد مرت دون ملاحظة بسبب إشارة أشعة غاما الضعيفة.

الخاتمة

هذه الدراسة تقدم فهماً جديداً لجزيئات النيوترينو في المجرات النشطة وتسلط الضوء على دور الهيليوم في إنتاج هذه الجزيئات. بالرغم من أن هذا الاكتشاف لا يؤدي مباشرة إلى تحسينات في رفاهية الإنسان، إلا أن المعرفة المكتسبة من دراسة النيوترينو والإشعاع قد تقود إلى تطورات تكنولوجية مفاجئة ومؤثرة في المستقبل. الاستثمار في العلوم يمثل استثماراً طويل الأمد، ولهذا السبب يعد تمويل الحكومة للأبحاث العلمية أمراً بالغ الأهمية.

Scroll to Top