رحيل عالم الفيزياء الفذ راينر فايس: إسهامات بارزة في موجات الجاذبية

في يوم 25 أغسطس 2025، ودع العالم الفيزيائي اللامع والحائز على جائزة نوبل، البروفيسور راينر فايس، عن عمر يناهز 92 عامًا. يُعتبر فايس من الشخصيات البارزة في مجال الفيزياء التجريبية، إذ كانت له إسهامات محورية في تأكيد وجود تموجات صغيرة في الزمان والمكان تُعرف باسم “موجات الجاذبية”.

الإنجازات في مجال موجات الجاذبية

كان فايس رائدًا في تأكيد وجود موجات الجاذبية التي تنبأ بها ألبرت أينشتاين في نظريته العامة عن النسبية عام 1915. حقق فايس هذا الإنجاز من خلال تصميم مرصد مقياس التداخل الليزري لموجات الجاذبية (LIGO)، بالتعاون مع علماء فيزياء آخرين مثل كيب ثورن والفيزيائي الاسكتلندي رونالد دريفر.

قاد فايس الفريق الذي بنى LIGO، كما قاد العلماء الذين تمكنوا في 14 سبتمبر 2015 من اكتشاف أول إشارة لموجة جاذبية. كانت هذه الإشارة نتيجة تصادم واندماج ثقبين أسودين على مسافة 1.4 مليار سنة ضوئية.

اعترافات وجوائز عالمية

حصل فايس على جائزة نوبل في الفيزياء عام 2017 لمساهماته في LIGO، وواصل المرصد وشركاؤه الدوليون مثل مقياس التداخل الجاذبي فيرغو وكاجرا الياباني في اكتشاف المزيد من موجات الجاذبية الناتجة عن تصادم الثقوب السوداء واندماج النجوم النيوترونية.

أثبت فايس من خلال عمله أن أينشتاين كان على حق وخطأ في نفس الوقت، حيث اعتقد أينشتاين أن هذه التموجات كانت ضعيفة للغاية بحيث لا يمكن لأي جهاز على الأرض اكتشافها، مما يدل على مدى ثورية مرصد LIGO.

الإسهامات الأخرى في الفيزياء

لم تكن موجات الجاذبية الشغف الوحيد لراينر فايس في الفيزياء. فقد طور ساعة ذرية دقيقة، وكان أيضًا رائدًا في قياس الإشعاع الخلفي الكوني (CMB)، وهو إشعاع متبقي من حدث وقع بعد الانفجار العظيم.

لم يكتفِ فايس بذلك، بل أسس مشروع مستكشف الخلفية الكونية التابع لناسا (COBE)، والذي أطلق إلى مدار الأرض في 18 نوفمبر 1989 واستمر في العمل حتى 1993. أحدث هذا المشروع ثورة في رؤيتنا لتطور الكون وقدم أدلة حاسمة تدعم نظرية الانفجار العظيم.

الحياة الشخصية والذكرى

وُلد فايس في برلين عام 1932، وانتقل إلى نيويورك بعد هروبه وعائلته من ألمانيا النازية. نشأ في نيويورك حيث طوّر حبًا للموسيقى الكلاسيكية والإلكترونيات، وجنى المال من إصلاح الراديوهات. أتم دراسته الجامعية في عام 1955 وحصل على الدكتوراه في عام 1962.

بعد تطوير تجارب لاختبار الجاذبية في جامعة برينستون، عاد فايس إلى MIT في 1964 حيث أسس مجموعة بحثية جديدة مكرسة لدراسة علم الكونيات والجاذبية.

الخاتمة

يعتبر راينر فايس من العلماء الذين تركوا بصمة لا تُنسى في مجال الفيزياء. من خلال عمله الرائد في اكتشاف موجات الجاذبية وتطوير أدوات قياس الإشعاع الخلفي الكوني، ساهم في تعزيز فهمنا للكون. ستظل إنجازاته مصدر إلهام للعديد من العلماء والباحثين في المستقبل.

Scroll to Top