في خطوة غير مسبوقة في تاريخ استكشاف الفضاء، تمثل كاميرا المسح التراثي للزمان والمكان (LSST) في مرصد فيرا سي روبن إنجازاً هائلاً بفضل دقتها العالية وقدرتها على التقاط صور للكون بشكل لم يسبق له مثيل. هذه الكاميرا، بحجم سيارة وبقدرة دقة تصل إلى 3200 ميجابكسل، قادرة على تغطية مساحة واسعة من السماء تعادل 45 مرة مساحة القمر الكامل في كل تعريض.
القدرات الفريدة لكاميرا LSST
تمتاز كاميرا LSST بقدرتها على التقاط صور عالية الدقة باستخدام ستة مرشحات لونية مختلفة. هذه الصور تتيح للعلماء إمكانية استكشاف السماء الجنوبية بأكملها في غضون ثلاث ليالٍ فقط. تمثل هذه الصور أولى خطوات المشروع الذي استغرق 25 عاماً من البحث والبناء بمشاركة فرق عالمية عديدة.
بفضل هذه الكاميرا، تم التقاط صور مدهشة تكشف عن تفاصيل قد تكون غير مرئية للعين المجردة، مثل السحب الغازية والغبارية التي تشكل سديم الثلاثي وسديم البحيرة، والتي تقع على بعد آلاف السنين الضوئية من الأرض.
أهداف المشروع وتأثيره في علم الفلك
يهدف المشروع إلى مسح السماء الجنوبية بالكامل كل ثلاث ليالٍ لمدة عشر سنوات، مما يتيح إنتاج فيلم عالي الدقة بأبعاد أربعة يرصد العمليات التطورية للكون. سيوفر هذا المشروع رؤية غير مسبوقة للسماء الجنوبية، وسيكشف عن الأجسام الأكثر خفوتاً وبعداً في الكون.
سيفتح هذا المسح الواسع المجال لفهم أعمق لظواهر الكون، من الأجرام السماوية القريبة مثل الكويكبات والمذنبات، إلى الأجرام البعيدة مثل السوبرنوفا. كما سيمهد الطريق لتحقيق تقدم كبير في علم الكونيات فيما يتعلق بالمادة المظلمة والطاقة المظلمة، بالإضافة إلى فهم نظامنا الشمسي.
مشاركة المركز الوطني للبحث العلمي (CNRS)
تعتبر مشاركة CNRS في هذا المشروع ذات أهمية كبيرة. قام العلماء من CNRS بتطوير البنية التحتية للحوسبة لتحليل البيانات الضخمة التي سيتم جمعها من 17 مليار نجم قابل للرصد و20 مليار مجرة قابلة للرصد. الهدف من هذا الجهد هو إنشاء أكثر كتالوج شامل للبيانات عن الكون.
سيتم تخزين عشرين تيرابايت من البيانات المجمعة كل ليلة. في فرنسا، ستقوم منشأة البيانات الفرنسية في ليون بتخزين ومعالجة 40% من البيانات الخام المجمعة. ستتاح هذه البيانات للعلماء حول العالم على فترات منتظمة لتعزيز الاكتشافات والاختراقات العلمية على مدى العقود المقبلة.
أهمية التلسكوبات الأرضية
حتى مع وجود 25 تلسكوباً فضائياً قيد الاستخدام حالياً، تظل المراقبة الأرضية ضرورية لتوثيق الكون بالكامل. توفر الأدوات الأرضية صوراً ذات دقة أعلى نتيجة لحجمها وحساسيتها الأكبر، كما تسجل كميات أكبر من البيانات مقارنة بالتلسكوبات الفضائية.
كما أن التلسكوبات الأرضية يمكن إصلاحها وتحديثها بأدوات أكثر كفاءة. مع الكاميرا المتطورة، يمثل مرصد فيرا سي روبن أحدث إضافة إلى الشبكة العالمية من المنشآت التي تستخدم لمراقبة الكون من الأرض والفضاء.
الخاتمة
يمثل مشروع كاميرا المسح التراثي للزمان والمكان في مرصد فيرا سي روبن خطوة هامة في علم الفلك. بفضل التكنولوجيا المتقدمة والشراكات الدولية، سيتمكن العلماء من استكشاف الكون بطرق جديدة ومبتكرة. من خلال جمع وتحليل كميات هائلة من البيانات، ستساهم هذه الجهود في فهم أعمق للكون ومكوناته، مما يفتح آفاقاً جديدة للبحث والاكتشاف.