التقط المصور الفلكي غريغ ماير مشهداً ملوناً لواحد من أشهر سدوم الفضاء، سديم الثالوث وسديم البحيرة، اللذان يضيئان من الداخل بفعل الإشعاعات الصادرة من نجوم شابة نشطة. يقع هذان السدان في مجرة درب التبانة، على بعد أكثر من 4000 سنة ضوئية من الأرض، في كوكبة القوس.
سديم البحيرة: عرض طوله 100 سنة ضوئية
يسيطر سديم البحيرة المعروف أيضاً باسم ميسييه 8 على القسم السفلي من الصورة التي التقطها ماير، حيث يظهر خلفية مؤثرة تعكس الكثافة النجمية بالقرب من مركز مجرة درب التبانة. يمكن رؤية تجمعات من النجوم النشطة اللامعة وهي تشكل عقداً من السحب البينجمية، بينما تقطع خيوط أكثر كثافة من المواد النجمية ملامح داكنة أمام المواد المشعة بالخلفية.
هذا السديم، الذي يمتد طوله إلى حوالي 100 سنة ضوئية، يُعَد موضع اهتمام للعلماء والمصوّرين الفلكيين على حد سواء، حيث يتيح لهم فرصة استكشاف أسرار الكون وكيفية تشكيل النجوم والكواكب.
سديم الثالوث: سحر الأتربة الكونية
يقع سديم الثالوث، المعروف باسم ميسييه 20، في الجزء العلوي الأيمن من صورة ماير. يتميز هذا السديم بممرات هائلة من الأتربة الكونية التي تظهر كظل أمام السحب المتوهجة من الغاز البينجمي. يمكن رؤية نقطة ضوء ساطعة في الزاوية التي تلتقي فيها اثنتان من ممرات الأتربة، مما يكشف عن وجود مجموعة من النجوم الجديدة العملاقة التي صُوِّرت بواسطة تلسكوب هابل الفضائي في عام 2004.
هذا السديم يعكس بوضوح عمليات التكوين النجمي، حيث تظهر الأنماط المعقدة للأتربة والغازات التي تُشكل بنية السديم.
التقنيات المستخدمة في التصوير الفلكي
قام ماير بالتقاط الضوء القديم المنبعث من سديم البحيرة وسديم الثالوث خلال فترة 34 ساعة في مايو 2025، أثناء الرصد تحت سماء أريزونا الصافية، شمال مدينة أش فورك. استخدم ماير تلسكوب Sky-Watcher Esprit بقطر 80 ملم إلى جانب كاميرا Player One Poseidon M pro لجمع البيانات، بالإضافة إلى فلاتر، وتلسكوب توجيه، وأجهزة ملحقة أخرى.
بعد جمع الصور الخام، استُخدمت برامج مثل Pixinsight وأدوات Adobe لتحرير الصور وإظهار التفاصيل الدقيقة والملونة للسديمين، مما يعكس جمال الكون وروعة تشكيلاته.
الخاتمة
يُظهر عمل غريغ ماير في تصوير سديم البحيرة وسديم الثالوث كيف يمكن للتكنولوجيا الحديثة أن تكشف عن جمال وسحر الفضاء السحيق. هذه الصور لا تعكس فقط جمال الكون، بل تقدم أيضاً معلومات قيمة للعلماء لفهم عمليات تكوين النجوم والكواكب. إن رصد هذه السدوم يُعَد تجربة ملهمة لكل من العلماء وعشاق الفلك، ما يعزز من فهمنا للكون الغامض المحيط بنا.