التقدم في محاكاة الأوتار الكمية: خطوة نحو فهم أفضل للفيزياء دون الذرية

تشهد الفيزياء الكمية تقدماً ملحوظاً في قدرتها على محاكاة الظواهر التي تتجاوز قدرات الحواسيب التقليدية. من بين هذه الظواهر، نجد محاكاة الأوتار الكمية التي تربط بين الجسيمات دون الذرية مثل الكواركات، والتي يمكن أن تطلق الطاقة عند كسرها. في هذا المقال، سنستعرض كيف نجح الفيزيائيون في استخدام الحواسيب الكمية لمحاكاة هذه الظاهرة ومراقبتها في الوقت الفعلي.

أهمية عملية كسر الأوتار في الفيزياء

تعتبر عملية كسر الأوتار ظاهرة معقدة ومهمة في الفيزياء، حيث تشكل جزءًا من التفاعلات التي لا يمكن فهمها بالكامل باستخدام المبادئ الأساسية. رغم أن الفيزيائيين قادرون على حساب النتائج النهائية للتصادمات الجزئية التي تشكل أو تكسر الأوتار باستخدام الحواسيب التقليدية، إلا أن المحاكاة الكاملة لما يحدث بين هذه التصادمات تبقى تحديًا كبيرًا.

وفقًا لعالم الفيزياء كريستيان باور من مختبر لورنس بيركلي الوطني في كاليفورنيا، فإن النجاح في المحاكاة الكمية لهذه العمليات يعتبر مشجعًا بشكل كبير، حيث يفتح آفاقًا جديدة لفهم أفضل للتفاعلات دون الذرية.

التجارب الدولية وتنوع النهج

أجريت التجارب بواسطة فرق دولية من الباحثين في الأوساط الأكاديمية والصناعية، بما في ذلك فريق من شركة QuEra Computing الناشئة في كامبريدج، ماساتشوستس، وفريق آخر في مختبر Google Quantum AI في سانتا باربرا، كاليفورنيا.

استخدم الباحثون في شركة QuEra جهاز Aquila لترتيب الذرات في نمط خلية نحل ثنائي الأبعاد، حيث مثلت الحالة الكمية لكل ذرة المجال الكهربائي عند نقطة معينة في الفضاء. بينما في تجربة أخرى، تم ترميز الحقل الكمي الثنائي الأبعاد في حالات الحلقات فائقة التوصيل على شريحة Google Sycamore.

التباين بين المحاكاة التناظرية والرقمية

اتبعت الفرق نهجين مختلفين في المحاكاة الكمية. في جهاز Aquila، تم ترتيب الذرات بحيث تحاكي القوى الكهروستاتيكية بينها سلوك المجال الكهربائي، وهو نهج يعرف بالمحاكاة الكمية التناظرية، حيث تتطور الذرات نحو حالات طاقتها الأدنى بشكل مستمر.

في المقابل، استخدم جهاز Google كمحاكي كمي رقمي، حيث تم توجيه الحلقات فائقة التوصيل لمتابعة تطور الحقل الكمي من خلال تسلسل محدد من التلاعبات. في كلا الحالتين، تم إعداد الأوتار في الحقل لتعمل بشكل مشابه للأشرطة المطاطية التي تربط بين جسيمين.

التحديات المستقبلية والتطبيقات المحتملة

رغم أن محاكاة الأوتار في حقل كهربائي ثنائي الأبعاد قد تساعد في دراسة فيزياء المواد، إلا أن الطريق لا يزال طويلاً للوصول إلى محاكاة كاملة للتفاعلات عالية الطاقة مثل تلك التي تحدث في مصادمات الجسيمات، والتي تحدث في ثلاثة أبعاد وتشتمل على القوة النووية القوية الأكثر تعقيدًا.

لا يزال الباحثون يبحثون عن طرق لتحقيق هذه الطموحات، حيث تشير الفيزيائية مونيكا أيدلسبرجر من معهد ماكس بلانك للبصريات الكمية في ميونخ إلى أنه لا يوجد مسار واضح للوصول إلى ذلك في الوقت الحالي. ومع ذلك، فإن النتائج الأخيرة مشجعة، والتقدم في المحاكاة الكمية بشكل عام كان “مذهلاً وسريعًا للغاية”.

الخاتمة

يظهر التقدم في محاكاة الأوتار الكمية باستخدام الحواسيب الكمية مدى التطور السريع في هذا المجال، ويفتح الباب أمام فهم أعمق للتفاعلات دون الذرية. بالرغم من التحديات المتبقية، فإن النتائج الحالية تعتبر خطوة كبيرة نحو المستقبل، حيث يمكن أن تشكل المحاكاة الكمية أداة قوية لفهم العمليات التي كانت مستحيلة الفهم باستخدام الحواسيب التقليدية فقط.

Scroll to Top