في عالم الذرات الصغير، تسود قوانين فيزياء الكم الغامضة، والتي تختلف بشكل كبير عن قوانين الفيزياء الكلاسيكية. قام البروفيسور دينيس كلوغيرتي والطالب نام دينه من جامعة فيرمونت بالبحث في إمكانية وجود أنظمة في العالم الذري تتصرف مثل حركة اهتزاز وتر الجيتار في العالم النيوتوني، وقد توصلوا إلى حل دقيق لنموذج يتصرف كمذبذب هارمونيك الكم المغاير.
المقدمة في فيزياء الكم
منذ حوالي 90 عامًا، حاول العلماء وصف الأنظمة المذبذبة المغايرة باستخدام فيزياء الكم، ولكن بجهود محدودة. تكمن الصعوبة في الحفاظ على مبدأ عدم اليقين الذي وضعه هايزنبرغ، وهو مبدأ أساسي في فيزياء الكم. يشير هذا المبدأ إلى أن هناك حدودًا أساسية للدقة التي يمكن بها معرفة موقع وزخم الجسيم في نفس الوقت.
في العالم الذري، كلما زادت دقة قياس خاصية معينة، قلت دقة قياس الخاصية الأخرى. هذا التحدي هو ما يجعل من الصعب تطوير نظرية دقيقة للمذبذب الكم المغاير.
نموذج هوراس لامب واهتماماته
تم بناء النموذج الذي درسه الفيزيائيون في جامعة فيرمونت من قبل الفيزيائي البريطاني هوراس لامب في عام 1900. كان لامب مهتمًا بوصف كيف يمكن لجسيم مهتز في مادة صلبة أن يفقد طاقته إلى تلك المادة. باستخدام قوانين نيوتن للحركة، أظهر لامب أن الأمواج المرنة التي تنشأ من حركة الجسيم تؤدي إلى إضعافه.
في الفيزياء الكلاسيكية، من المعروف أن الأجسام عندما تهتز أو تتذبذب تفقد طاقتها بسبب الاحتكاك ومقاومة الهواء وما إلى ذلك، ولكن هذا الأمر ليس واضحًا في النظام الكمومي.
الإصلاح الكمي للنموذج
قام كلوغيرتي ودينه، بدعم من مؤسسة العلوم الوطنية وناسا، بإعادة صياغة نموذج لامب للعالم الكمومي ووجدوا حله. للحفاظ على مبدأ عدم اليقين، من الضروري تضمين تفاصيل التفاعل بين الذرة وبقية الذرات في المادة، وهو ما يُعرف بمشكلة الجسم المتعدد.
باستخدام تحويل بوجوليوف المتعدد الأنماط، تمكنوا من إعادة صياغة النظام بحيث يمكن وصف سلوك الذرة المتذبذب بدقة.
التطبيقات المحتملة
قد يؤدي تحديد موقع الذرة بدقة إلى تطوير تقنيات جديدة لقياس المسافات الكمومية وغيرها من تقنيات الاستشعار فائقة الدقة. تنبأت الدراسة بأن عدم اليقين في موقع الذرة يتغير نتيجة لتفاعلها مع الذرات الأخرى في المادة.
يمكن تقليل هذا عدم اليقين إلى ما دون الحد الكمي القياسي باستخدام بعض الحيل الكمومية، مثل حساب سلوك الجسيم في حالة خاصة تُعرف باسم “الفراغ المضغوط”.
الخاتمة
تُمثل هذه الدراسة إنجازًا هامًا في مجال فيزياء الكم، حيث وفرت حلاً دقيقًا لمشكلة قديمة في هذا المجال. بفضل الجهود المبذولة من قبل فريق جامعة فيرمونت، يمكن الآن تطوير تقنيات جديدة قد تُحدث ثورة في قياس المسافات على المستوى الذري وتطبيقات أخرى تتعلق بالدقة الفائقة.