في تطور علمي جديد، تمكن العلماء من إجراء أولى المحاكاة الكمية للبلورات شبه الدورية، وهي نوع من المواد الصلبة التي كان يعتقد العلماء سابقًا أنها غير موجودة. هذه البلورات تمتلك بنية ذرية لا تتكرر بشكل دوري كما هو الحال في البلورات التقليدية، مما جعلها موضوعًا مثيرًا للبحث والدراسة.
فهم البلورات شبه الدورية
البلورات شبه الدورية تُعتبر من المواد المستقرة بشكل أساسي على الرغم من تشابهها مع المواد غير النظامية مثل الزجاج. وفي دراسة جديدة، تم استخدام طريقة محاكاة متقدمة لتوضيح أن هذه البلورات، مثل البلورات العادية، تتمتع بالاستقرار الجوهري.
البروفيسور وينهاو سن، أستاذ علم وهندسة المواد، أوضح أهمية فهم كيفية ترتيب الذرات في هياكل معينة لتصميم مواد بخصائص محددة. هذا الفهم يعيد تشكيل التفكير التقليدي حول كيفية تكون المواد وسبب وجودها.
الاكتشاف الأصلي للبلورات شبه الدورية
أول من وصف البلورات شبه الدورية كان العالم الإسرائيلي دانيال شاختمان في عام 1984، أثناء تجاربه على سبائك الألومنيوم والمنغنيز. اكتشف شاختمان ترتيبًا ذريًا يشبه شكل عشريني السطوح، مما أضفى على المادة تناظرًا خماسيًا غير مسبوق.
في البداية، واجه شاختمان انتقادات لاقتراحه أمرًا يبدو مستحيلًا، إلا أن الأبحاث اللاحقة أكدت وجود البلورات شبه الدورية، بل وتم العثور عليها في نيازك عمرها مليارات السنين.
التحديات العلمية والحلول الجديدة
رغم اكتشاف شاختمان، ظل العلماء عاجزين عن تفسير كيفية تشكيل البلورات شبه الدورية حتى الآن. كانت النظرية الوظيفية للكثافة، وهي الطريقة الكمية التقليدية لحساب استقرار البلورات، تعتمد على أنماط تتكرر بشكل لا نهائي، وهو ما تفتقر إليه البلورات شبه الدورية.
لكن بفضل طريقة جديدة في البحث تعتمد على محاكاة جسيمات نانوية من البلورات شبه الدورية، تمكن الباحثون من حساب الطاقة الإجمالية دون الحاجة إلى تسلسل لا نهائي. بذلك، توصلوا إلى أن بعض البلورات شبه الدورية مستقرة من حيث المحتوى الحراري، مثل سبيكة سكانديوم وزنك، وسبيكة إتيربيوم وكادميوم.
التطبيقات والتقدم في الحسابات الكمية
تعد دقة تقديرات الطاقة في البلورات شبه الدورية مرتبطة بحجم الجسيمات، لكن تكبير هذه الجسيمات يعتبر تحديًا بسبب الوقت الحسابي الكبير. ومع ذلك، تمكن الباحثون من تسريع العمليات الحسابية عبر تحسين الخوارزميات واستخدام التسريع بواسطة المعالجات الرسومية.
هذا التقدم يفتح المجال لمحاكاة مواد زجاجية وغير متبلورة، بالإضافة إلى دراسة العيوب في البلورات التي قد تمكن من تطوير الحوسبة الكمية.
الخاتمة
تعد البلورات شبه الدورية مجالًا مثيرًا للبحث العلمي، حيث تجمع بين خصائص البلورات التقليدية والزجاج غير المتبلور. بفضل التطورات الحديثة في المحاكاة الكمية، يمكن للعلماء الآن فهم أفضل لآليات استقرار هذه المواد واستخدامها في تطبيقات تقنية متقدمة. هذا البحث المدعوم من وزارة الطاقة الأمريكية يمثل خطوة كبيرة نحو تطوير مواد جديدة بخصائص مبتكرة.