تشهد تكنولوجيا الاتصالات تحولاً كبيراً مع تطوير نوع جديد من الألياف البصرية المجوفة التي تعد بزيادة كمية البيانات المنقولة عبر كل خيط زجاجي، وتمديد المسافات التي يمكن للبيانات أن تقطعها. هذا التطور يمكن أن يجعل أنظمة الاتصالات أسرع وأكثر كفاءة، مما يمثل قفزة نوعية في مجال الاتصالات العالمية.
التصميم المبتكر للألياف المجوفة
تم وصف التصميم الجديد للألياف البصرية في مجلة نيتشر فوتونيكس، حيث يتم استبدال السلك الزجاجي الصلب التقليدي بنظام من ‘القش’ الزجاجي. يتكون التصميم من خمس أسطوانات صغيرة، تحتوي كل منها على أسطوانتين متداخلتين، مرتبطة بحافة داخلية لأسطوانة رئيسية. يتم ضبط قطر كل أنبوب بشكل دقيق بحيث يمكن فقط للضوء ذو أطوال موجية معينة أن يمر من خلاله، مما يضمن بقاء نبضات الضوء في الفراغ المركزي المجوف بدلاً من تسربها.
هذا التصميم الفريد يتيح للألياف البصرية إمكانية نقل كمية أكبر من البيانات بشكل أسرع وأكثر كفاءة مما هو ممكن باستخدام الألياف التقليدية.
تطبيقات الألياف المجوفة وتأثيرها على الإنترنت
إذا استطاعت الألياف الجديدة أن تُصنع وتُركب بسهولة وأثبتت متانتها، فقد تؤدي إلى تحسين سرعة وكفاءة الإنترنت التقليدي. يقول رود فان ميتر، مهندس الشبكات الكمية في جامعة كيو في طوكيو، أن التحسن في السرعة سيمثل تغييرًا دراماتيكيًا يمكن أن يدفع الناس لدفع مبالغ كبيرة من أجله.
تعد الألياف المجوفة ذات تصميمات متنوعة موجودة بالفعل، وقد وجدت تطبيقات محدودة في ربط وحدات الحوسبة في مراكز البيانات حيث تكون السرعة ذات أهمية قصوى. يتوقع الخبراء أن تتمكن الألياف الجديدة من تجاوز هذه التطبيقات المحدودة لتصبح جزءًا من البنية التحتية الأساسية للإنترنت.
تحديات الإنتاج والتطبيقات المستقبلية
يتم إنتاج الألياف المجوفة بواسطة شركة ناشئة تدعى لوميناسيتي، وهي شركة فرعية من جامعة ساوثهامبتون اشترتها مايكروسوفت في عام 2022. تبدأ عملية التصنيع بنسخة أكبر من التصميم بقياس 20 سنتيمتراً في القطر، ويتم ضغط الفراغات أثناء السحب بحيث تبقى التكوينات كما هي بينما يصبح الهيكل بأكمله بعرض 100 ميكرومتر تقريباً.
يتوقع الباحثون أن الألياف المجوفة يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في تحسين كفاءة نقل الإنترنت، حيث أن الألياف التقليدية تفقد نصف الضوء الذي تنقله كل 15 كيلومترًا تقريبًا، بينما التصميم الجديد يفقد نصف الضوء كل 33 كيلومترًا مما يسمح بزيادة المسافات بين محطات تعزيز وإعادة نقل الإشارة.
الإمكانات في مجال الاتصالات الكمية
بالإضافة إلى تقليل الخسائر، يمكن للألياف المجوفة نقل أكثر من 1000 ضعف القدرة وتفعل ذلك عبر طيف واسع من الأطوال الموجية، بما في ذلك نبضات الضوء أحادية الفوتون المستخدمة في أنظمة الاتصالات الكمية. بينما كانت الألياف المجوفة حتى الآن باهظة التكلفة للتجارب المعملية الصغيرة، يأمل الباحثون أن يؤدي الإنتاج الموسع إلى خفض الأسعار بشكل كبير في المستقبل.
تقول تريسي نورثوب، فيزيائية تجريبية في جامعة إنسبروك في النمسا، أن هذه النتيجة مثيرة للاهتمام جداً لمجتمع الاتصالات الكمية، حيث يمكن أن تكون الألياف المجوفة حلاً مثالياً للعديد من التحديات التقنية في هذا المجال.
الخاتمة
يمثل تطوير الألياف البصرية المجوفة خطوة هامة نحو تحسين سرعات وكفاءة نقل البيانات على مستوى العالم. مع توفير القدرة على نقل كميات أكبر من البيانات عبر مسافات أطول وبتكلفة أقل، يمكن أن تحدث هذه الألياف ثورة في عالم الاتصالات، خاصة إذا تم تطبيقها على نطاق واسع في أنظمة الإنترنت والتواصل الكمي. تفتح هذه التكنولوجيا الجديدة الباب أمام تحسينات كبيرة في البنية التحتية الحالية، مما يعد بمستقبل أكثر اتصالاً وأسرع تطورًا.