اكتشاف نفاثات أشعة إكس قوية من الثقوب السوداء الفائقة الكتلة

في تطور علمي مذهل، اكتشف علماء الفلك نفاثات قوية من أشعة إكس تنطلق من ثقبين أسودين فائقين في القدم، لدرجة أن هذه النفاثات تضيء في توهج ما بعد الانفجار العظيم. هذه النفاثات تعكس الضوء الأول للكون وتحوله إلى نفاثات ذات طاقة عالية.

النفاثات الكونية: تفاصيل الاكتشاف

استخدم العلماء بيانات من مرصد شاندرا لأشعة إكس ومصفوفة كارل جي جانسكي الكبيرة جداً لاكتشاف النفاثات التي تمتد لمسافة 300,000 سنة ضوئية لكل منها. هذه النفاثات تنبع من ثقبين أسودين فائقين يعرفان بالكوازار، ويقعان على بعد حوالي 11.6 و11.7 مليار سنة ضوئية.

تمت ملاحظة هذه الهياكل الضخمة كما ظهرت عندما كان عمر الكون 3 مليارات سنة فقط، خلال فترة كانت فيها المجرات وثقوبها السوداء المركزية تنمو بسرعة فائقة.

الكوازارات كمكبسولات زمنية كونية

أوضح جاي مايثيل، الباحث في مركز هارفارد وسمثسونيان للفيزياء الفلكية، أن هذه الكوازارات تشبه كبسولات زمنية كونية، مشيراً إلى أهمية فهمها لفهم كيفية تأثيرها على نمو مجراتها والبيئة التي تعيش فيها.

إحدى النفاثات المكتشفة حديثاً، والتي تنتمي إلى كوازار يُعرف باسم J1610+1811، يمكن رؤيتها في صورة مرصد شاندرا. يظهر خط أرجواني رفيع يمتد من النواة البيضاء اللامعة للكوازار نحو الأعلى اليميني، وينتهي في بقعة صغيرة ومشرقة.

التفاعل مع إشعاع الخلفية الكونية الميكروي

اقترح فريق البحث في دراسة قُبلت للنشر في مجلة الفيزياء الفلكية أن النفاثات تتألق في أشعة إكس بفضل التفاعلات مع إشعاع الخلفية الكونية الميكروي، وهو الإشعاع الباهت الذي تبقى بعد تبريد الكون بما فيه الكفاية لسفر ضوء النجوم بحرية لأول مرة، مما يشير إلى نهاية “العصور المظلمة الكونية”.

عندما تشكلت هذه النفاثات، كان إشعاع الخلفية الكونية الميكروي أكثر كثافة من اليوم، مما أتاح للإلكترونات في النفاثات التي تصل سرعتها إلى سرعة الضوء تقريباً أن تصطدم بالفوتونات، مما يعززها إلى نطاق أشعة إكس القابلة للكشف بواسطة شاندرا.

الطاقات الهائلة للنفاثات

تصل سرعة النفاثة من J1610+1811 إلى ما بين 92% و98% من سرعة الضوء، وتحمل طاقة تساوي تقريباً نصف الطاقة التي تنبعث من المادة المتهاوية إلى الثقب الأسود، مما يعادل إنتاج 10 تريليون شمس.

أما الكوازار الثاني، J1405+0415، فيقع على بعد 11.7 مليار سنة ضوئية من الأرض، ويتميز بنفاثة لا تقل قوة. باستخدام بيانات الأشعة السينية لشاندرا وبيانات الراديو لمصفوفة VLA، حسب الباحثون أن الجسيمات في نفاثة J1405+0415 تتحرك بسرعة تتراوح بين 95% و99% من سرعة الضوء.

الخاتمة

تشير هذه الاكتشافات إلى أن بعض الثقوب السوداء قد تكون أكثر تأثيراً في هذه المرحلة من عمر الكون مما كان يُعتقد سابقاً. تعكس هذه النفاثات القوية التطور المعقد للكون وتأثير الثقوب السوداء الفائقة الكتلة على البيئة المحيطة بها، مما يفتح آفاقاً جديدة لفهم كيفية تشكل المجرات وتطورها عبر الزمن.

Scroll to Top