في اكتشاف مذهل، لاحظ الباحثون تأثيرًا كهربائيًا غامضًا في البزموت فائق الرقة يبقى ثابتًا عبر نطاق واسع من درجات الحرارة، من قرب الصفر المطلق (-273 درجة مئوية) إلى درجة حرارة الغرفة. هذا الاكتشاف يمكن أن يصبح مفتاحًا لتطوير الإلكترونيات الخضراء.
تأثير هول الشاذ في البزموت
نُشرت الدراسة في مجلة “Physical Review Letters” حيث أبلغت عن ملاحظة تأثير هول الشاذ المستقل عن درجة الحرارة في رقائق بزموت بسمك 68 نانومتر. عادةً ما يرتبط هذا التأثير بالمواد ذات الخصائص المغناطيسية، ولكن البزموت يعتبر مادة مغناطيسية ضعيفة.
تحدث تأثير هول الشاذ عندما يتولد جهد كهربائي عمودي على تيار مطبق، وهو ظاهرة غير متوقعة في البزموت نظرًا لخصائصه المغناطيسية الضعيفة.
التقنيات المستخدمة في الاكتشاف
لتحقيق هذا الاكتشاف، قام الباحثون بتطوير تقنية جديدة لإنشاء البزموت فائق الرقة، مستوحاة من مبدأ عمل المبشرة. قاموا بإنشاء خنادق مجهرية على رقاقة أشباه موصلات ثم قاموا بحلاقة طبقات رقيقة من البزموت.
تم اختبار هذه الرقائق تحت مجالات مغناطيسية قوية للغاية، أقوى بآلاف المرات من مغناطيس الثلاجة، في مختبر الحقول المغناطيسية العالية الوطني في فلوريدا.
تحدي النظريات العلمية
كانت الدراسات السابقة تشير إلى أن البزموت لا ينبغي أن يظهر تأثير هول الشاذ، مما يجعل هذا الاكتشاف أكثر إثارة للحيرة. “لا يمكنني أن أشير إلى نظرية واحدة تفسر هذا”، قال البروفيسور جيلوم جيرفيه، “فقط بعض أجزاء من تفسير محتمل”.
أحد الفرضيات هو أن التركيب الذري للبزموت يقيد حركة الإلكترونات بطريقة تحاكي سلوك المواد الطوبولوجية، وهي مواد تم اكتشافها مؤخرًا وتُعتبر ثورية في مجال الحوسبة.
التطبيقات المحتملة
يمكن لهذا الاكتشاف أن يمهد الطريق لتطوير مكونات وأجهزة إلكترونية أكثر كفاءة واستقرارًا وصديقة للبيئة، بما في ذلك الاستخدامات في استكشاف الفضاء والتطبيقات الطبية. البزموت غير سام ومتوافق حيويًا، مما يجعله مثاليًا للاستخدامات الطبية.
يسعى فريق البحث الآن لاستكشاف ما إذا كان يمكن تحويل تأثير هول الشاذ في البزموت إلى نظيره الكمي، تأثير هول الشاذ الكمي، مما قد يفتح الأبواب أمام أجهزة إلكترونية تعمل عند درجات حرارة أعلى من تلك الممكنة حاليًا.
الخاتمة
يمثل هذا الاكتشاف خطوة كبيرة نحو فهم أعمق لخصائص المواد فائقة الرقة والإمكانات الهائلة التي يمكن أن تقدمها للإلكترونيات المستقبلية. إن القدرة على التحكم في تأثيرات مثل تأثير هول الشاذ المستقل عن درجة الحرارة يمكن أن يغير قواعد اللعبة، مما يتيح تطوير تقنيات خضراء جديدة وأكثر استدامة.