اكتشاف المادة المفقودة في الكون باستخدام الانفجارات الراديوية السريعة

على مر العقود، كانت المادة العادية التي تشكل جزءًا كبيرًا من كتل الكون مفقودة بشكل غامض، مما أثار حيرة علماء الفلك. ولكن باستخدام الانفجارات الراديوية السريعة (FRBs)، تمكن العلماء أخيرًا من تحديد مكان هذه المادة المفقودة في الفضاء بين المجرات.

ما هي الانفجارات الراديوية السريعة؟

الانفجارات الراديوية السريعة هي ظاهرة فلكية تتمثل في نبضات قصيرة وقوية من الموجات الراديوية التي تصدر من نقاط بعيدة في الكون. وعلى الرغم من أنها تدوم لبضعة أجزاء من الألف من الثانية فقط، إلا أنها تطلق طاقة تعادل ما تفعله الشمس خلال 30 عامًا.

تعتبر أصول هذه الانفجارات لغزًا كبيرًا، ويرجع ذلك إلى قصر مدتها وصعوبة تعقب مصدرها. ولكن استخدامها في تحديد المادة بين المجرات أصبح ممكنًا بفضل قدرتها على اختراق المادة الضبابية في الوسط بين المجرات.

المادة العادية المفقودة

المادة التي تم اكتشافها ليست المادة المظلمة التي تشكل حوالي 85% من الكون ولا تتفاعل مع الضوء. بل هي مادة عادية تتكون من الذرات والباريونات، والتي تتفاعل مع الضوء ولكنها كانت غير مرئية بسبب انتشارها الضعيف.

كانت مشكلة المادة الباريونية المفقودة تزعج علماء الفلك لسنوات، حيث تتواجد هذه المادة بشكل رقيق في هالات تحيط بالمجرات وفي السحب المنتشرة بين المجرات.

تحديد الموقع باستخدام الانفجارات الراديوية السريعة

قام فريق من العلماء بقيادة ليام كونور من مركز الفيزياء الفلكية في هارفارد وسميثسونيان باستخدام 69 انفجارًا راديويًا سريعًا لتحديد كمية المادة بين الأرض والمجرات البعيدة. وقد أظهر هذا البحث أن حوالي 76% من المادة العادية في الكون توجد في الوسط بين المجرات.

استعان الباحثون بشبكة من التلسكوبات الراديوية لتحديد المواقع الأصلية لهذه الانفجارات بدقة، مما سمح لهم بقياس كمية المادة التي تعبر خلالها هذه الإشارات.

التطبيقات المستقبلية

تعد هذه النتائج خطوة كبيرة نحو فهم أفضل لنمو المجرات وتوزيع المادة في الكون. كما أنها قد تساهم في تطوير استخدام الانفجارات الراديوية السريعة كأداة أساسية في علوم الكون.

من المتوقع أن يقوم تلسكوب راديوي مخطط إنشاؤه في صحراء نيفادا باكتشاف وتحديد مواقع آلاف الانفجارات الراديوية السريعة سنويًا، مما سيعزز من فهمنا لهذه الظاهرة ودورها في تحديد المادة الباريونية.

الخاتمة

لقد وفرت الدراسات الحديثة باستخدام الانفجارات الراديوية السريعة رؤى جديدة ومهمة حول المادة المفقودة في الكون. من خلال تحديد موقع هذه المادة العادية، يمكن للعلماء الآن فهم أفضل للتوزيع المادي في الكون والنظر في التطبيقات المستقبلية التي قد تساعد في علوم الفلك والكون بشكل أوسع.

Scroll to Top