في نظامنا الشمسي، يُعتقد أن المذنبات والأجسام الكوكبية الجليدية كانت مسؤولة عن توصيل المياه إلى الأرض. وجود هذه الأجسام الجليدية يعد متطلباً أساسياً لتطور الحياة على العوالم الأخرى. ولكن من الصعب جداً تحديدها خارج نظامنا الشمسي بسبب صغر حجمها وضعف سطوعها، مما يتطلب تحليلاً كيميائياً دقيقاً.
الأدلة الحديثة على وجود أجسام جليدية
في دراسة نُشرت في مجلة MRNAS، وجد علماء الفلك من جامعة ووريك في أوروبا والولايات المتحدة أدلة قوية على وجود أجسام غنية بالمواد المتطايرة، والتي يمكن أن توفر المياه ومكونات الحياة، في الأنظمة الكوكبية خارج نظامنا الشمسي.
استخدم الفريق التحليل الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية من تلسكوب هابل الفضائي لدراسة التركيب الكيميائي للنجوم البعيدة. وبرز نجم معين يُدعى WD 1647+375 بوجود مواد متطايرة على سطحه.
اكتشاف مواد كيميائية فريدة
عادةً ما تتكون أجواء الأقزام البيضاء من الهيدروجين والهيليوم، لكن هذا النجم أظهر عناصر مثل الكربون والنيتروجين والكبريت والأكسجين، مما يشير إلى وجود جسم جليدي تم ابتلاعه بواسطة النجم.
أوضحت القائدة الرئيسية للدراسة، سنيهلتا ساهو، أن الأقزام البيضاء تُظهر غالباً علامات على وجود الكالسيوم والحديد والمعادن الأخرى من المواد التي تمتصها. لكن وجود مواد غنية بالمتطايرات يعتبر أمراً نادراً جداً.
أهمية النيتروجين كدليل كيميائي
يعد النيتروجين من العناصر الكيميائية الهامة في تحديد وجود العوالم الجليدية. وأظهر التحليل الطيفي أن المواد التي امتصها النجم احتوت على نسبة عالية من النيتروجين، وهي أعلى نسبة تم اكتشافها حتى الآن في حطام قزم أبيض.
كذلك، أظهرت البيانات أن الحطام كان يغذي النجم لمدة لا تقل عن 13 عاماً بمعدل 200,000 كجم في الثانية، مما يشير إلى أن الجسم الجليدي كان على الأقل بحجم مذنب.
المقارنة مع أجسام حزام كايبر
يشبه التركيب الغني بالمتطايرات لنجم WD 1647+375 أجسام حزام كايبر في نظامنا الشمسي، والتي توجد وراء مدار نبتون. ويعتقد أن الأجرام التي تم امتصاصها ربما تكون جزءاً من كوكب قزم مثل بلوتو.
يعتمد هذا الاعتقاد على التركيب الغني بالنيتروجين، والكتلة المتوقعة العالية، ونسبة الجليد إلى الصخور، مما يشير إلى أنها قد تكون من قشرة أو عباءة كوكب شبيه ببلوتو.
الخاتمة
هذا الاكتشاف هو الأول من نوعه الذي يثبت امتصاص قزم أبيض ذو جو هيدروجيني لجسم كوكبي جليدي. سواء كان هذا الجسم قد تشكل في النظام الكوكبي حول النجم الأصلي أو هو مذنب بينجمي تم القبض عليه من الفضاء العميق، فإن النتيجة تقدم أدلة مقنعة على وجود أجسام غنية بالمتطايرات في الأنظمة الكوكبية خارج نظامنا الشمسي.
كما يبرز الاكتشاف الدور الفريد للتحليل الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية في استكشاف تراكيب الأجسام النادرة الغنية بالمتطايرات خارج نظامنا الشمسي، مما سيكون جزءاً مهماً من المحاولات المستقبلية للبحث عن مكونات الحياة حول النجوم الأخرى.


