تشكل الشمس أقوى مسرع للجسيمات في النظام الشمسي، حيث تقوم بتسريع الإلكترونات لتصل إلى سرعات قريبة من سرعة الضوء قبل أن تقذفها في الفضاء، مما يغمر النظام الشمسي بما يُعرف بالإلكترونات الشمسية النشطة (SEEs). في دراسة حديثة، تمكن الباحثون باستخدام مركبة “سولار أوربيتر” من تحديد مصادر هذه الإلكترونات النشطة وتتبع ما يحدث في الفضاء وربطه بظواهر تحدث على سطح الشمس.
الإلكترونات الشمسية النشطة: أنواعها ومصادرها
أوضحت الدراسة أن هناك نوعين من الإلكترونات الشمسية النشطة، ولكل منهما مصدره الخاص. النوع الأول مرتبط بالتوهجات الشمسية العنيفة التي تحدث في بقع صغيرة على سطح الشمس، بينما يتصل النوع الثاني بانفجارات الغاز الساخن الكبيرة من الغلاف الجوي للشمس، والمعروفة باسم الانبعاثات الكتلية الإكليلية (CMEs).
النوع الأول، والمعروف بالأحداث الجسيمية “العفوية”، يتميز بانطلاق الإلكترونات بشكل مفاجئ من سطح الشمس عبر التوهجات الشمسية. أما النوع الثاني، فيُعرف بالأحداث “التدريجية”، حيث تطلق الانبعاثات الكتلية الإكليلية موجة من الجسيمات على مدى فترات زمنية أطول.
التقنيات المستخدمة في الدراسة
تمكنت مركبة “سولار أوربيتر” من قياس عدد كبير من الأحداث الجسيمية ودراسة كيفية تشكلها وانتشارها على سطح الشمس. بفضل قدرتها على الاقتراب من الشمس، استطاعت المركبة قياس الجسيمات في حالتها الأولية، مما سمح بتحديد وقت ومكان انطلاقها بدقة.
أوضحت الدراسة أن الأحداث الجسيمية تم كشفها على مسافات مختلفة من الشمس، مما أتاح للباحثين دراسة كيفية تحرك الإلكترونات عبر النظام الشمسي والإجابة على سؤال طويل الأمد حول هذه الجسيمات النشطة.
تحديات في رصد الجسيمات الشمسية
أثناء رصد التوهجات الشمسية أو الانبعاثات الكتلية الإكليلية، يُلاحظ أحياناً تأخير بين ما يُرى على الشمس وبين إطلاق الإلكترونات النشطة إلى الفضاء. في بعض الأحيان، يبدو أن الجسيمات تستغرق ساعات للهروب.
تشير النتائج إلى أن هذا التأخير قد يكون ناتجًا جزئيًا عن كيفية انتقال الإلكترونات عبر الفضاء، حيث إن هذه الجسيمات تواجه اضطرابات وتتبعثر في اتجاهات مختلفة، مما يؤثر على سرعة اكتشافها.
أهمية الاكتشافات في فهم الطقس الفضائي
تساعد هذه الاكتشافات في تحسين فهمنا للطقس الفضائي، والذي يتطلب توقعات دقيقة للحفاظ على سلامة المركبات الفضائية. تعتبر الأحداث الجسيمية المرتبطة بالانبعاثات الكتلية الإكليلية أكثر أهمية للطقس الفضائي بسبب احتوائها على جسيمات عالية الطاقة، مما قد يسبب أضرارًا كبيرة.
بفضل هذه المعرفة المكتسبة من “سولار أوربيتر”، يمكن حماية المركبات الفضائية في المستقبل بشكل أفضل من الجسيمات النشطة التي تهدد رواد الفضاء والأقمار الصناعية.
الخاتمة
تمثل دراسة الجسيمات الشمسية النشطة خطوة هامة في فهمنا للشمس وتأثيرها على النظام الشمسي. بفضل “سولار أوربيتر”، تمكنا من الحصول على رؤى جديدة حول كيفية تشكل هذه الجسيمات وانتشارها، مما يعزز من قدرتنا على حماية التقنيات الفضائية من آثار الطقس الفضائي. المستقبل يحمل لنا المزيد من الاكتشافات مع بعثات جديدة مثل “فيجيل” و”سمايل” التي ستساهم في الكشف عن أسرار الشمس وكيفية تفاعلها مع كوكبنا.