في إنجاز علمي جديد، تمكن علماء الفلك من قياس الضوء الميكروويفي المستقطب باستخدام تلسكوبات عالية في جبال الأنديز بشمال تشيلي، مما ساعد في تكوين صورة أوضح لإحدى الفترات الغامضة في تاريخ الكون، وهي فجر الكون.
التحديات التكنولوجية والرصد من الأرض
لطالما اعتقد العلماء أن قياس الضوء الميكروويفي المستقطب من الأرض كان أمرًا مستحيلًا بسبب التحديات التكنولوجية العديدة. إن إشارات الميكروويف من فجر الكون ضعيفة للغاية، مما يجعل قياسها من الأرض أكثر تعقيدًا بسبب تداخل إشارات الراديو والبث والأقمار الصناعية، فضلاً عن تأثيرات الطقس وتغيرات درجة الحرارة.
ومع ذلك، تمكن فريق مشروع Cosmology Large Angular Scale Surveyor (CLASS) من التغلب على هذه العقبات باستخدام تلسكوبات مصممة خصيصًا لاكتشاف بصمات أولى نجوم الكون في الضوء المتبقي من الانفجار العظيم.
أهمية الاستقطاب في فهم الكون
الاستقطاب يحدث عندما تصطدم موجات الضوء بشيء ثم تتناثر. يمكن أن يُفهم هذا من خلال التشبيه البسيط: عندما يضرب الضوء غطاء سيارتك وتظهر الوهج، فإن ذلك هو الاستقطاب. باستخدام نظارات مستقطبة، يمكن إزالة الوهج لرؤية أوضح.
استطاع الباحثون من خلال مقارنة بيانات تلسكوبات CLASS ببيانات بعثات فضائية مثل Planck وWMAP تحديد التداخل والتركيز على إشارات مشتركة من الضوء الميكروويفي المستقطب، مما أتاح لهم رؤية أوضح للكون في مراحله المبكرة.
فجر الكون وإعادة تأين الهيدروجين
بعد الانفجار العظيم، كان الكون عبارة عن ضباب من الإلكترونات الكثيفة التي منعت الضوء من الهروب. ومع توسع الكون وتبرده، التقطت البروتونات الإلكترونات لتشكيل ذرات الهيدروجين المحايدة، مما سمح للضوء الميكروويفي بالانتشار في الفضاء.
عندما تشكلت النجوم الأولى خلال فجر الكون، حررت طاقتها القوية الإلكترونات من ذرات الهيدروجين. قام فريق البحث بقياس احتمالية اصطدام فوتون من الانفجار العظيم بإلكترون محرر وانحرافه عن مساره الأصلي.
آفاق جديدة في دراسة الخلفية الميكروويفية الكونية
تساعد هذه الاكتشافات في تحديد إشارات الخلفية الميكروويفية الكونية بشكل أفضل، وهي الضوء المتبقي من الانفجار العظيم، وتشكيل صورة أوضح للكون في مراحله المبكرة. ويعزز ذلك فهمنا للمادة المظلمة والنيوترينوات، الجسيمات الغامضة التي تملأ الكون.
من خلال تحليل بيانات CLASS الإضافية، يأمل الباحثون في الوصول إلى أعلى دقة ممكنة في القياسات.
الخاتمة
يعد هذا الإنجاز خطوة كبيرة في مجال دراسة الخلفية الميكروويفية الكونية، حيث تمكن العلماء من التغلب على العديد من التحديات التكنولوجية لتحقيق قياسات دقيقة من الأرض، مما يفتح آفاقًا جديدة لفهمنا للكون المبكر. يتوقع أن تساهم هذه الاكتشافات في تحسين فهمنا للمادة المظلمة والنيوترينوات، مما يعزز من قدرتنا على استكشاف أسرار الكون.