آفاق الاندماج النووي: تقدمات واعدة نحو طاقة نظيفة ومستدامة

في عالم يزداد اعتماده على الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة، يبقى الاندماج النووي أحد الأهداف العلمية الكبرى التي قد تغير معايير الطاقة في المستقبل. يعد الاندماج النووي مصدرًا محتملاً للطاقة النظيفة والوفيرة التي يمكن أن تُشغل من مياه البحر، مما يجعلها خيارًا مغريًا للتغلب على مشاكل الوقود الأحفوري والتلوث. في هذا المقال، نستعرض التطورات الحديثة في هذا المجال، مع التركيز على مفاعلات الاندماج المتقدمة مثل Wendelstein 7-X في ألمانيا وJET في المملكة المتحدة.

الاندماج النووي: الحلم الذي يقترب من الواقع

لطالما كان الاندماج النووي يعتبر حلمًا بعيد المنال، حيث يُشار إلى أن تحقيقه كان دائمًا على بعد ثلاثين عامًا. إلا أن التطورات الحديثة تشير إلى أن العلماء والمهندسين يقتربون من تحقيق هذا الحلم. في مايو الماضي، تمكن مفاعل Wendelstein 7-X من احتواء بلازما فائقة الحرارة لمدة 43 ثانية، وهو إنجاز غير مسبوق للمفاعل. هذا التقدم يشير إلى أن الاندماج النووي قد يكون على بعد 15 إلى 20 عامًا من تحقيقه، وفقًا لما قاله توني رولستون، المهندس النووي بجامعة كامبريدج.

المنافسة بين المفاعلات: Wendelstein 7-X وJET

تعد المنافسة بين مفاعلي Wendelstein 7-X وJET جزءًا من السباق العالمي نحو تحقيق الاندماج النووي. المفاعل الألماني Wendelstein 7-X هو نوع من “المحاصر النجمي”، بينما المفاعل البريطاني JET هو نوع من “التوكاماك”. كلا النهجين يسعى إلى تحقيق الاندماج النووي من خلال الاحتواء المغناطيسي، لكن لكل منهما مزاياه الخاصة. في أحدث التجارب، حقق مفاعل JET احتواءً للبلازما لمدة تصل إلى 60 ثانية، مما يشير إلى مدى التقدم الذي أحرزه هذا المجال.

استخدام الليزر في الاندماج: تجربة NIF

بينما يعتمد العديد من المفاعلات على الاحتواء المغناطيسي، استخدم مرفق الاشتعال الوطني (NIF) في الولايات المتحدة نهجًا مختلفًا يقوم على الاحتواء بالقصور الذاتي باستخدام الليزر. في عام 2022، تمكن NIF من تحقيق اشتعال نووي، حيث أطلق تفاعل الاندماج طاقة أكبر مما تم استهلاكه. ومع ذلك، يتطلب هذا النهج شحن الليزر لمدة طويلة ويستهلك طاقة كبيرة، مما يجعله غير مثالي لتوليد الطاقة الكهربائية على نطاق واسع.

التحديات والآفاق المستقبلية

على الرغم من التقدم الكبير، يواجه الاندماج النووي تحديات هندسية هائلة. أحد أكبر هذه التحديات هو الحاجة إلى إشعال آلاف الحبيبات الوقودية يوميًا في محطات الطاقة المستقبلية. ومع ذلك، هناك شركات ناشئة تعمل على تطوير تقنيات جديدة لتحقيق الاندماج، مثل شركة General Fusion الكندية التي تسعى لاستخدام تقنية “الاندماج المستهدف المغناطيسي”.

الخاتمة

في الختام، يبدو أن الاندماج النووي يقترب من كونه مصدرًا عمليًا للطاقة النظيفة والمستدامة. مع التقدم في تقنيات الاحتواء المغناطيسي والقصور الذاتي، ومع دخول القطاع الخاص بقوة إلى هذا المجال، قد نرى قريبًا أولى محطات الطاقة العاملة بالاندماج النووي. ومع ذلك، يبقى الطريق طويلاً، ويحتاج إلى المزيد من البحث والتطوير لتجاوز التحديات الهندسية الراهنة.

Scroll to Top