تُعتبر الصور الحديثة التي التقطها تلسكوب جيمس ويب الفضائي نافذة مذهلة على الكون، حيث يُظهر سديم الكركند بألوانه الزاهية وتفاصيله الدقيقة. يقع هذا السديم على بعد حوالي 5500 سنة ضوئية من كوكبنا، وهو مثال رائع على جمال وعظمة الكون الذي يحيط بنا.
سديم الكركند: مركز لتكوين النجوم
سديم الكركند، المعروف علميًا باسم NGC 6357، يقع في كوكبة العقرب. هذا السديم عبارة عن سحابة ضخمة من الغاز، مكونة بشكل رئيسي من الهيدروجين الجزيئي. يُعَدّ السديم منطقة نشطة لتكوين النجوم، حيث يحتوي في مركزه على مجموعة بيسميس 24 من النجوم الشابة والساخنة والضخمة.
هذه النجوم الشابة تُصدر كميات هائلة من الأشعة فوق البنفسجية التي تعمل على تأيين الغاز المحيط بها، مما يؤدي إلى تكوين تجويف كبير داخل السديم. تُعتبر هذه العملية جزءًا من دورة حياة النجوم، حيث يُساهم الإشعاع المنبعث في نحت المناظر الطبيعية الكونية المحيطة.
الصورة المذهلة من تلسكوب جيمس ويب
الصورة التي التقطها تلسكوب جيمس ويب باستخدام كاميرته للأشعة تحت الحمراء القريبة تكشف جزءًا صغيرًا من السديم. يظهر في الصورة حافة داخلية للسديم تشبه سلسلة جبلية من الغاز الجزيئي، حيث يبلغ طول أكبر هذه القمم 5.4 سنة ضوئية من القاعدة إلى القمة.
يمكن أن تتسع داخل هذه القمة أكبر من نظامنا الشمسي بمقدار 200 مرة، مما يوضح الحجم الهائل للسديم. هذه الأبعاد الشاسعة تجعلنا ندرك مدى عظمة الكون المحيط بنا.
معضلة النجوم الضخمة
تُظهر الصورة أيضًا النجوم الضخمة في مجموعة بيسميس 24، والتي تُعتبر من بين الأكبر في الكون. أحد هذه النجوم، المعروف باسم بيسميس 24-1، كان يُعتقد سابقًا أنه الأثقل، بكتلة تصل إلى 300 ضعف كتلة الشمس.
لكن الأبحاث الحديثة أظهرت أن بيسميس 24-1 هو في الواقع نظام نجمي ثلاثي. يُمكن تلسكوب هابل من تحديد اثنين من هذه النجوم، حيث يمتلك أحدهما كتلة تُعادل 66 ضعف كتلة الشمس، بينما الباقيان يشكلان نظامًا ثنائيًا لا يمكن التفريق بينهما بصريًا.
ألوان السديم وتأثيرها
النجوم والسديم في الصورة تظهر بألوان مزيفة، حيث تلتقط كاميرا جيمس ويب الضوء تحت الأحمر الذي لا يمكن للعين البشرية رؤيته. الألوان المستخدمة في الصورة تُشير إلى نوع النجوم ودرجات حرارتها وكتلتها، بالإضافة إلى كمية الغبار المحيط بها الذي يمتص الضوء.
يمثل اللون الأزرق الفاتح الغاز المؤين الساخن الذي يتناثر الضوء من النجوم الساخنة القريبة، بينما يُظهر اللون البرتقالي جزيئات الغبار الدقيقة. أما اللون الأحمر فيمثل الغاز الجزيئي البارد الكثيف الذي لا يزال قادرًا على تكوين النجوم الجديدة.
الخاتمة
تعتبر الصور التي يلتقطها تلسكوب جيمس ويب الفضائي نافذة غير مسبوقة على الكون. من خلال دراسة سديم الكركند، يمكن للعلماء فهم المزيد عن تكوين النجوم والمجرات. هذه الصور ليست مجرد مشاهد جميلة، بل هي أدوات علمية تعزز من فهمنا للكون وتعمق معرفتنا حول العمليات الكونية الأساسية.