ما الذي يمكن أن تعلمنا إياه الشمبانزي عن أنماط التعلق في العلاقات

تعد أنماط التعلق جزءًا أساسيًا من تطور العلاقات الإنسانية، وهي تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل طريقة تفاعلنا مع الآخرين. يعتمد هذا التعلق إلى حد كبير على كيفية استجابة مقدمي الرعاية لنا في الطفولة المبكرة. يقدم بحث جديد من فرنسا نظرة عميقة على هذه الأنماط من خلال دراسة الشمبانزي البرية، مما يثير تساؤلات حول الجذور التطورية للتعلق وكيفية تطبيق ذلك على الأبوة الحديثة.

مفهوم التعلق وأنواعه

تعود نظرية التعلق إلى أعمال الباحثين جون بولبي وماري أينسوورث في القرن العشرين، وتشير إلى أن الأطفال يطورون أنماطًا ذهنية أو أنماط تعلق بناءً على مدى استجابة مقدمي الرعاية لاحتياجاتهم العاطفية. الأنماط تشمل التعلق الآمن، القلق، التجنبي، والمضطرب.

التعلق الآمن ينشأ عندما يكون مقدمو الرعاية داعمين بشكل موثوق، مما يجعل الطفل يشعر بالأمان والثقة في استكشاف العالم حوله.

التعلق القلق يظهر عندما تكون الرعاية غير متسقة، مما يؤدي إلى شعور الطفل بالخوف من الهجر وطلب الطمأنينة المستمرة.

التعلق التجنبي يتطور عندما يكون مقدمو الرعاية بعيدين عاطفيًا أو رافضين، مما يدفع الطفل إلى كبت احتياجاته العاطفية والاعتماد فقط على نفسه.

التعلق المضطرب يرتبط عادة بالصدمات أو الرعاية التي تثير الخوف، مما يجمع بين سلوكيات الاقتراب والتجنب.

مراقبة الشمبانزي البرية والبشر

قام الباحثون بمراقبة 50 شمبانزي في كوت ديفوار على مدى ما يقرب من 4000 ساعة، ووجدوا أن صغارهم أظهرت فقط أنماط تعلق منظمة، إما آمنة أو غير آمنة تجنبيًا. بعض الرضع بقوا قريبين من أمهاتهم أثناء التهديدات، مما يدل على سلوك يشبه الآمن. آخرون كانوا أكثر استقلالية، مما يشبه الأنماط التجنبية.

ما كان لافتًا هو عدم وجود أي أدلة على أنماط التعلق المضطرب بين الشمبانزي البرية، مما يشير إلى أن هذا النوع من التعلق قد لا يكون استراتيجية بقاء تكيفية في مواجهة التحديات البيئية.

إعادة التفكير في الأبوة من خلال عدسة الحيوان

إذا كان التعلق المضطرب نادرًا بين الشمبانزي البرية ولكنه شائع في المجتمعات البشرية الحديثة، فهذا يثير تساؤلات مهمة حول كيفية توافق ممارسات الرعاية الحديثة مع احتياجاتنا التطورية.

أشارت النتائج إلى أن البيئة التربوية تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل أنماط التعلق. إن العلاقة بين البيئة التربوية وأنماط التعلق تستدعي إعادة النظر في كيفية تأثير العلاقات المبكرة على الصحة العاطفية للبشر والشمبانزي على حد سواء.

الخاتمة

تقدم دراسة الشمبانزي البرية رؤى جديدة حول جذور السلوك الاجتماعي البشري، وتدعونا للتفكير في كيفية تأثير العلاقات المبكرة على الصحة العاطفية لكل من الشمبانزي والبشر. يعزز هذا البحث الفهم العميق لكيفية تأثير البيئة التربوية على أنماط التعلق، مما يفتح الباب لإعادة تقييم ممارسات الرعاية الحديثة بما يتماشى مع احتياجاتنا التطورية.

Scroll to Top