توظيف الذكاء الاصطناعي في كشف مخاطر القلب من خلال فحوصات الصدر

في عصر التكنولوجيا الحديثة، يتزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات الطبية بشكل لافت. إحدى هذه الاستخدامات المهمة تتجلى في دراسة حديثة أظهرت كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين تقييم المخاطر القلبية من خلال فحوصات الصدر التي تُجرى لأغراض أخرى، مثل الكشف عن سرطان الرئة.

فحوصات الصدر والتكلسات القلبية

تُعتبر فحوصات الصدر باستخدام الأشعة المقطعية (CT) من الأدوات الطبية الشائعة التي تُستخدم سنوياً بالملايين. في هذه الفحوصات، يمكن الكشف عن ترسبات الكالسيوم في القلب والشرايين، والتي تُعد مؤشرًا على زيادة خطر الإصابة بأزمات قلبية. عادةً ما تُستخدم الفحوصات المزمنة (gated) للحصول على نتائج دقيقة، حيث تُزامن هذه الفحوصات مع نبضات القلب لتقليل الحركة أثناء التصوير.

ومع ذلك، فإن معظم الفحوصات الروتينية تُجرى بدون هذا التزامن (nongated)، مما يجعل من الصعب تحديد التكلسات بدقة. لكن الدراسة الحديثة أظهرت أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يغير هذا الواقع.

تطوير خوارزمية AI-CAC

استنادًا إلى هذه الفحوصات غير المزمنة، طوّر الباحثون خوارزمية ذكاء اصطناعي تُسمى AI-CAC. هذه الخوارزمية تعتمد على التعلم العميق لفحص الفحوصات غير المزمنة وتحديد كمية التكلسات القلبية، مما يساهم في التنبؤ بمخاطر الأحداث القلبية المستقبلية.

تم تدريب النموذج على مجموعة من فحوصات الصدر المقطعية التي جُمعت كجزء من الرعاية الروتينية للجنود القدامى عبر 98 مركزًا طبيًا تابعًا لشؤون المحاربين القدامى. وقد تم اختبار أداء AI-CAC على 8,052 فحصًا، حيث أثبتت كفاءتها في تحديد وجود التكلسات بدقة تصل إلى 89.4%.

نتائج الدراسة وأهمية AI-CAC

أظهرت الدراسة أن AI-CAC كان دقيقًا بنسبة 87.3% في تحديد ما إذا كانت قيمة التكلسات تفوق 100، مما يشير إلى وجود خطر قلبي متوسط. وكانت الخوارزمية أيضًا قادرة على التنبؤ بمعدل الوفيات العامة خلال 10 سنوات، حيث أن المرضى الذين كانت لديهم قيمة تكلسات تتجاوز 400 كانوا أكثر عرضة للوفاة بمقدار 3.49 مرة مقارنة بالمرضى الذين لديهم قيمة صفرية.

كما أظهرت المراجعة التي أجراها أربعة أطباء قلب أن جميع المرضى تقريبًا الذين حددتهم الخوارزمية كذوي قيم تكلسات مرتفعة سيستفيدون من العلاج المخفض للدهون.

التحديات المستقبلية والآفاق

على الرغم من النتائج الواعدة، فإن الدراسة كانت محدودة بكونها أُجريت على فئة معينة من السكان، وهم الجنود القدامى. يأمل الفريق البحثي في إجراء دراسات مستقبلية على عموم السكان لاختبار مدى فعالية الأداة في تقييم تأثير الأدوية المخفضة للدهون على قيم التكلسات.

هذا الابتكار يفتح الأبواب أمام استخدام الذكاء الاصطناعي في تحويل الطب من نهج تفاعلي إلى نهج وقائي، مما يساهم في تقليل الأمراض والمضاعفات طويلة الأمد وتقليل التكاليف الصحية.

الخاتمة

تمثل دراسة AI-CAC خطوة كبيرة نحو تحسين الرعاية الصحية باستخدام الذكاء الاصطناعي. من خلال استغلال الفحوصات الروتينية لتقييم المخاطر القلبية، يمكن للأطباء التدخل في وقت مبكر ومنع تطور الأمراض القلبية. على الرغم من التحديات المستقبلية، فإن النتائج الأولية تشير إلى إمكانية تحسين جودة الرعاية الصحية وتقليل معدلات الوفيات، مما يعزز أهمية الاستثمار في مثل هذه الأبحاث والتقنيات.

Scroll to Top