تعد أمراض الكلى المزمنة من التحديات الصحية الكبيرة التي تواجه العديد من الأفراد حول العالم. يتمثل دور الكلى في إزالة الفضلات الناتجة عن العمليات الأيضية في الجسم. ومع ذلك، يمكن أن تتعرض هذه الأعضاء للتلف التدريجي في حالة الإصابة بمرض الكلى المزمن، مما يؤدي إلى فقدانها لوظيفتها بمرور الوقت، وهو ما يترك آثارًا كبيرة على صحة الإنسان.
أهمية الكشف المبكر عن أمراض الكلى
تشير تقديرات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة إلى أن 35 مليون أمريكي يعانون من مرض الكلى المزمن، ومن المحتمل أن العديد من الأشخاص الآخرين يعانون من المرض دون معرفة، ربما في مرحلة مبكرة. يتم حاليًا تشخيص الحالة من خلال قياس المستقلبات في الدم أو البول، ولكن الأنظمة منخفضة التكلفة والتقنية، مثل تلك المصنوعة من الحلوى المتخصصة، يمكن أن تجعل العملية أسهل.
إن أهمية التشخيص المبكر تكمن في تحسين إدارة المرض ومنع تقدمه إلى مراحل أكثر خطورة. ومن هنا تأتي الحاجة إلى أدوات تشخيصية جديدة وفعالة يمكنها تقديم نتائج سريعة وموثوقة دون الحاجة إلى إجراءات جراحية أو معقدة.
ابتكار أجهزة استشعار للتنفس
تمثل أجهزة استشعار التنفس أداة تشخيصية جديدة يتم استكشافها حاليًا، نظرًا لأن الأشخاص الذين يعانون من مرض الكلى المزمن يخرجون مستويات مرتفعة من الأمونيا – وهي مادة كيميائية مرتبطة بالحالة. ومع ذلك، فإن الأمونيا ترتبط أيضًا بحالات صحية أخرى. لذا، سعى الباحثون إلى تطوير جهاز استشعار يمكنه اكتشاف الأمونيا ومستقلبات أخرى مرتبطة بمرض الكلى المزمن بشكل محدد.
قام الباحثون بتضمين المستشعر في شكل مألوف: وهو قناع الوجه الجراحي. لتصنيع جهاز استشعار التنفس، غطى الفريق الأقطاب الكهربائية الفضية ببوليمر موصل يُستخدم عادة في أجهزة الاستشعار الكيميائية. تم تعديل البوليمر باستخدام البورفيرينات – وهي جزيئات حساسة للمركبات المتطايرة – لتعزيز الحساسية.
تجارب واعدة على الأفراد
تم اختبار الأقنعة المتخصصة على 100 فرد، حيث كان حوالي نصف المشاركين مصابين بمرض الكلى المزمن، بينما لم يكن النصف الآخر (مجموعة التحكم) مصابين. اكتشف المستشعر عدة مركبات في أنفاس المشاركين، وكشفت التحليلات الإحصائية للبيانات عن نمط واضح يميز بين المصابين بمرض الكلى المزمن والمجموعة الضابطة.
بينت النتائج أن المستشعر حدد بشكل صحيح الأشخاص المصابين بالمرض بنسبة 84% (نتيجة إيجابية صحيحة) وأن الشخص غير مصاب بالمرض بنسبة 88% (نتيجة سلبية صحيحة). بالإضافة إلى ذلك، تشير النتائج إلى أن بيانات المستشعر يمكن استخدامها لتقدير مرحلة المرض، مما يمكن أن يكون ذا قيمة كبيرة في العملية التشخيصية.
الخاتمة
تقدم هذه الدراسة إمكانيات كبيرة لمراقبة مرضى الكلى المزمن بشكل سهل وغير غازي وبتكلفة منخفضة. “من المتوقع أن تعزز تنفيذ هذه التكنولوجيا إدارة مرضى الكلى المزمن من خلال تسهيل التعرف الفوري على تغييرات تقدم المرض”، كما يقول المؤلفان سيرجيو بيرنارديني وأناليزا نوتشي. تعكس هذه الجهود التزام الباحثين بتطوير طرق تشخيصية جديدة ومبتكرة يمكنها تحسين نوعية حياة المرضى وتقليل الأعباء الصحية العامة.