أظهرت الأبحاث الحديثة أن الأشخاص في الأماكن المغلقة يولدون مجال أكسدة يتكون من جزيئات الهيدروكسيل (OH)، والذي يتأثر بشكل كبير باستخدام منتجات العناية الشخصية مثل العطور واللوشن. يركز هذا المقال على كيفية تأثير هذه المنتجات على تركيبة الهواء الداخلية وصحة الإنسان.
مجال الأكسدة البشري وكيفية تولده
يتكون مجال الأكسدة البشري نتيجة التفاعل الكيميائي بين الأوزون والزيوت والدهون الموجودة على بشرتنا. يعتبر هذا المجال جزءًا مهمًا من النظام الكيميائي للهواء الداخلي، حيث يمكن أن يؤثر على صحة الإنسان من خلال تغيير تركيب الهواء الذي نتنفسه والذي يلامس بشرتنا.
وجد الباحثون أن الأوزون الموجود في الهواء الداخلي يتفاعل مع مركبات الجلد ليشكل منتجات كيميائية جديدة في الطور الغازي، والتي تتفاعل بدورها مع الأوزون لتكوين جزيئات الهيدروكسيل. هذه العملية المستمرة تساهم في تشكيل مجال الأكسدة البشري.
تأثير منتجات العناية الشخصية على مجال الأكسدة
أظهرت الدراسات التي أجرتها مجموعة من الباحثين من معهد ماكس بلانك للكيمياء أن منتجات العناية الشخصية مثل العطور واللوشن تؤدي إلى انخفاض تركيز جزيئات الهيدروكسيل حول الأشخاص. هذا الانخفاض يعزى إلى عدة عوامل تختلف بين المنتجات المستخدمة.
في حالة العطور، وجد الباحثون أن المكون الرئيسي، الإيثانول، يتفاعل مع جزيئات الهيدروكسيل ويستهلكها دون إنتاج جزيئات جديدة. وبالنسبة للوشن، فإن المكونات مثل الفينوكسيتانول تعمل على تقليل التفاعل بين الأوزون والسكوالين الموجود على البشرة، مما يعوق تولد جزيئات الهيدروكسيل.
التجارب والنماذج المستخدمة في الدراسة
لتحقيق هذه النتائج، استخدم الباحثون نماذج حركية كيميائية متعددة الأطوار إلى جانب نماذج ديناميات السوائل الحاسوبية. هذه النماذج ساعدت في محاكاة تطور مكونات التفاعل الكيميائي في البيئة الداخلية، مما أعطى فكرة دقيقة عن تأثير منتجات العناية الشخصية على مجال الأكسدة.
كما أُجريت التجارب في غرفة مناخية محكمة تم تصميمها خصيصًا لهذا الغرض، حيث تم إدخال الأوزون بتركيزات معينة لقياس تأثيره على تولد جزيئات الهيدروكسيل عند تطبيق اللوشن والعطور على البشرة.
التداعيات الصحية والبيئية
تقضي البشرية حوالي 90% من وقتها في أماكن مغلقة، مما يجعل من الأهمية بمكان فهم تأثيرات التعرض لهذه المركبات الكيميائية على الصحة. حتى الآن، لا تزال العديد من التأثيرات الصحية لهذه المركبات غير مفهومة بشكل كامل، مما يفتح الباب لمزيد من الأبحاث في هذا المجال.
بالإضافة إلى ذلك، تسلط هذه الدراسة الضوء على كيفية تأثير المنتجات اليومية التي نستخدمها على البيئة الكيميائية الداخلية، مما قد يكون له تأثيرات طويلة المدى على جودة الهواء الذي نتنفسه.
الخاتمة
خلصت الدراسة إلى أن منتجات العناية الشخصية تلعب دورًا كبيرًا في تعديل مجال الأكسدة البشري، من خلال تقليل تركيز جزيئات الهيدروكسيل. بينما تختلف تأثيرات العطور واللوشن، إلا أن النتيجة المشتركة هي تقليل التفاعل الكيميائي بين الأوزون والجلد. هذه النتائج تفتح الباب أمام مزيد من البحوث لفهم التأثيرات الصحية لهذه التفاعلات الكيميائية بشكل أعمق، وتقديم توصيات لتحسين جودة الهواء الداخلي.