تواجه الأشخاص الذين يعيشون مع الأمراض الذاتية تحديات كبيرة لا تقتصر على الجوانب الجسدية فحسب، بل تمتد لتشمل الصحة النفسية. دراسة حديثة من المملكة المتحدة تسلط الضوء على أن هؤلاء الأفراد معرضون لخطر مضاعف تقريباً للإصابة باضطرابات نفسية دائمة مثل الاكتئاب والقلق والاضطراب ثنائي القطب.
دور الالتهاب المزمن
تعتبر الالتهابات المزمنة التي ترافق الأمراض الذاتية مفتاحاً لفهم العلاقة بين هذه الأمراض والاضطرابات النفسية. الالتهاب المزمن يحدث نتيجة تنشيط الجهاز المناعي بشكل غير طبيعي، وهو ما يُعتبر سمة مميزة للعديد من الأمراض الذاتية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي ومرض جريفز.
هذا الالتهاب الدائم قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الصحة النفسية، حيث يظهر أن ارتباط الالتهاب المزمن بزيادة خطر الأمراض النفسية قد يكون ناتجًا عن تأثيره على الدماغ والهرمونات العصبية.
الفروقات بين الجنسين
تشير الدراسة إلى أن النساء اللاتي يعانين من الأمراض الذاتية هن أكثر عرضة للإصابة بالاضطرابات النفسية مقارنة بالرجال. أظهرت الدراسة أن 32% من النساء المصابات بأمراض ذاتية يعانين من اضطرابات عاطفية، مقارنة بـ 21% من الرجال.
الأسباب الكامنة وراء هذه الفروقات ليست واضحة تماماً، ولكن يُعتقد أن الهرمونات الجنسية والعوامل الكروموسومية قد تلعب دوراً في هذه الظاهرة. كما أن النساء المصابات بالاكتئاب يظهرن تركيزات أعلى من السايتوكينات وعوامل التفاعل الحاد مقارنة بنظيراتهن غير المصابات بالاكتئاب.
انتشار الاضطرابات النفسية بين المصابين بالأمراض الذاتية
أظهرت الدراسة أن انتشار الاضطرابات النفسية بين الأفراد الذين يعانون من أمراض ذاتية أعلى بكثير من عموم السكان. فبينما يعاني 29% من المصابين بأمراض ذاتية من اضطرابات نفسية، فإن هذه النسبة تنخفض إلى 18% فقط لدى عامة الناس.
كما أن انتشار الاكتئاب والقلق كان أعلى بكثير لدى المصابين بالأمراض الذاتية، حيث بلغت نسبة الاكتئاب 25.5% ونسبة القلق 21%.
الحاجة إلى التدخل المبكر والفحص الدوري
بناءً على هذه النتائج، يؤكد الباحثون على أهمية إجراء فحوصات نفسية مبكرة لجميع الأفراد الذين يعانون من أمراض ذاتية، مع التركيز بشكل خاص على النساء. الهدف هو تقديم العلاج المناسب في الوقت المناسب لتفادي تفاقم الحالة النفسية.
التدخل المبكر يمكن أن يساعد في تحسين جودة الحياة وتقليل المخاطر المرتبطة بالاضطرابات النفسية لدى هذه الفئة من المرضى.
الخاتمة
تسلط هذه الدراسة الضوء على العلاقة الوثيقة بين الأمراض الذاتية والاضطرابات النفسية، مشيرة إلى أن الالتهاب المزمن قد يكون وراء زيادة هذه المخاطر. الفروق بين الجنسين في هذا السياق تتطلب دراسة أعمق لفهم العوامل المؤثرة. ومع ذلك، تبقى الحاجة ملحة لإجراء فحوصات نفسية مبكرة وتقديم الدعم اللازم للأفراد المصابين بأمراض ذاتية لتحسين حالتهم النفسية والجسدية.