تعتبر الغوريلات البرتقالية من أعظم الكائنات التي تتكيف مع التغيرات في إمدادات الغذاء في البرية. وفقًا لفريق دولي من الباحثين بقيادة عالمة من جامعة روتجرز، فإن هذه الرئيسيات المهددة بالانقراض تتفوق على البشر المعاصرين في تجنب السمنة من خلال اختيارات متوازنة للغذاء والرياضة.
التكيفات الغذائية للغوريلات البرتقالية
تعيش الغوريلات في الغابات المطيرة في إندونيسيا وماليزيا، وهي تتكيف بذكاء مع التغيرات في بيئتها عن طريق تعديل تناول العناصر الغذائية وسلوكها واستخدام الطاقة. تقضي الغوريلات أوقاتًا طويلة في البحث عن الغذاء المناسب، وعندما يكون الفاكهة نادرة، تلجأ إلى تناول الأوراق واللحاء وغيرها من الأطعمة الغنية بالبروتين.
تُظهر الغوريلات مرونة عالية في التكيف الأيضي، حيث تتحول إلى استخدام الدهون المخزنة والبروتين العضلي كمصدر للطاقة خلال فترات ندرة الفاكهة. هذا التكيف يمكنها من البقاء على قيد الحياة في الظروف الصعبة.
قيمة التوازن الغذائي
أشارت الأستاذة إيرين فوغل، التي قادت الدراسة، إلى أن الغوريلات تحافظ على مستوى ثابت من البروتين في نظامها الغذائي، وهو ما يتناقض مع النظام الغذائي الغربي الحديث المليء بالأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية ومنخفضة البروتين. هذه الخيارات الغذائية تسهم في السمنة والأمراض الأيضية لدى البشر.
أظهرت الدراسة أهمية التوازن الغذائي والمرونة الأيضية في الحفاظ على الصحة، وهي أمور ضرورية لكل من الغوريلات والبشر. هذه النتائج تشير إلى أن العادات الغذائية الحديثة، التي تتميز بالاستهلاك العالي للأطعمة المعالجة الغنية بالسكريات والدهون، يمكن أن تؤدي إلى اختلالات أيضية ومشاكل صحية.
دروس للبشر من سلوك الغوريلات
في حين أن الغوريلات تقلل من نشاطها البدني خلال فترات قلة الفاكهة لتوفير الطاقة، إلا أن البشر، وخاصة أولئك الذين يعيشون نمط حياة خامل، قد لا يعدلون إنفاقهم للطاقة ليتناسب مع استهلاكهم للسعرات الحرارية، مما يؤدي إلى زيادة الوزن ومشاكل صحية مرتبطة بذلك.
يمكن أن توفر دراسة سلوك الغوريلات البرتقالية نظرة ثاقبة حول كيفية إدارة الأنظمة الغذائية والصحة لدى البشر. كما يؤكد على أهمية الحفاظ على مواطن الغوريلات لضمان بقائها.
نتائج البحث الميداني
تم إجراء البحث في محطة توعان لأبحاث الغوريلات في منطقة حماية مواس في كاليمانتان الوسطى، إندونيسيا. هذه المنطقة، وهي غابة مستنقعات الخث، تحمي حوالي 764,000 فدان، مما يشير إلى أهمية الحفاظ على هذه الأنظمة البيئية الغنية بالتنوع البيولوجي.
أظهر البحث أن الغوريلات تتجنب السمنة كجزء من استجابتها للتقلبات الكبيرة في توفر الفاكهة في موائلها الطبيعية. على العكس من البشر في الثقافة الغربية، الذين لديهم وصول دائم إلى الأطعمة العالية السعرات الحرارية، تعيش الغوريلات فترات من الوفرة والندرة.
الخاتمة
تسلط الدراسة الضوء على مدى تعقيد تكيفات الغوريلات البرتقالية مع بيئتها، وكيف أن فهم هذه التكيفات يمكن أن يقدم دروسًا قيمة للبشر في كيفية إدارة أنظمتهم الغذائية وصحتهم. إلى جانب ذلك، فإن الحفاظ على موائل الغوريلات البرتقالية يعد أمرًا حيويًا لضمان بقائها واستمرارها في الطبيعة.