نشرت دراسة حديثة في مجلة “سيل ميتابوليزم” تسلط الضوء على دور جديد للميكروبات المعوية في التسبب بالأمراض الأيضية مثل السكري من النوع الثاني ومرض الكبد الدهني. هذا الاكتشاف قد يمهد الطريق لتطوير علاجات مبتكرة تستهدف هذه الميكروبات قبل أن تؤثر سلبًا على الجسم.
الميكروبات المعوية وتأثيرها على الأيض
أظهرت الدراسة التي أجرتها فرق بحثية من جامعات مكماستر ولافال وأوتاوا أن هناك جزيئًا ينتج عن الميكروبات في الأمعاء يمكنه التسلل إلى مجرى الدم وتحفيز الكبد على إنتاج المزيد من الجلوكوز والدهون. هذا الفائض في الإنتاج قد يؤدي إلى اضطرابات في مستويات السكر في الدم وتراكم الدهون في الكبد.
ما يميز هذا الاكتشاف هو أن الباحثين تمكنوا من تطوير طريقة لحجز هذا الجزيء في الأمعاء قبل أن يدخل إلى الجسم، مما أدى إلى تحسينات كبيرة في السيطرة على مستوى السكر في الدم وتقليل مرض الكبد الدهني لدى الفئران المصابة بالسمنة.
فهم أعمق للدورة الأيضية
يمثل هذا الاكتشاف تطورًا جديدًا في فهم الدورة الأيضية الكلاسيكية التي عرفت منذ ما يقرب من قرن. الدورة المعروفة باسم دورة كوري، والتي اكتشفها العالمان كارل فرديناند كوري وجيرتي تيريزا كوري، توضح كيف يتبادل الجسم الوقود بين العضلات والكبد.
الباحثون اكتشفوا فرعًا جديدًا لهذه الدورة، حيث تلعب البكتيريا المعوية دورًا محوريًا في هذه العملية. إذ أن الجزيء الجديد، D-اللاكتات، يأتي في الغالب من الميكروبات المعوية ويؤثر بشكل أكثر حدة على مستويات السكر والدهون في الكبد مقارنة بالجزيء المعروف L-اللاكتات.
التحديات العلاجية والابتكارات
لإيقاف تأثير D-اللاكتات، قام الباحثون بتطوير “مصيدة للركيزة المعوية”، وهي بوليمر آمن وقابل للتحلل يربط D-اللاكتات في الأمعاء ويمنعه من الامتصاص. هذه التقنية أظهرت فعالية كبيرة في تخفيض مستويات السكر في الدم والحد من مقاومة الأنسولين والالتهابات الكبدية دون الحاجة إلى تغيير النظام الغذائي أو الوزن.
هذه الطريقة الجديدة في التفكير في علاج الأمراض الأيضية تمثل نقلة نوعية، حيث تركز على اعتراض مصدر الوقود الميكروبي قبل أن يتسبب في الضرر، بدلاً من استهداف الهرمونات أو الكبد مباشرة.
الخاتمة
تسلط هذه الدراسة الضوء على أهمية الميكروبيوم في الأمراض المزمنة وتفتح الباب أمام اتجاهات جديدة في العلاج. بفضل التمويل من معاهد الصحة الكندية، يمكن أن يكون لهذا البحث تأثير كبير على تطور العلاجات المستقبلية لأمراض مثل السكري من النوع الثاني ومرض الكبد الدهني. إن فهمنا المتزايد لدور الميكروبات في الصحة العامة يعزز من إمكانية تطوير استراتيجيات فعالة لمكافحة هذه الأمراض.