اكتشاف انتقال مقاومة الكوليستين عبر الأغذية البحرية المستوردة

في عام 2016، اكتشف الباحثون أن مقاومة الكوليستين يمكن أن تنتقل بشكل جانبي بين الميكروبات، مما يثير مخاوف جديدة حول كيفية انتشار المقاومة الميكروبية بين البشر. في دراسة حديثة، عزل الباحثون الجينات المسؤولة عن مقاومة الكوليستين من المأكولات البحرية المستوردة التي تم شراؤها من أسواق في أتلانتا، جورجيا. تشير هذه النتائج إلى أن المأكولات البحرية المستوردة يمكن أن تعزز انتشار مقاومة الكوليستين القابلة للانتقال.

الكوليستين: المضاد الحيوي الأخير

يعتبر الكوليستين مضاد حيوي قوي وملاذ أخير، يُستخدم فقط لعلاج الأشخاص المصابين بالعدوى البكتيرية الخطيرة التي طورت مقاومة للأدوية الأخرى. ومع ذلك، فإن فعاليته ليست مضمونة. يشهد العالم انتشارًا متزايدًا لمقاومة الكوليستين، مما يقلل من خيارات العلاج المتاحة ويضع المرضى في مخاطر أعلى.

تم تقديم الكوليستين لأول مرة في الخمسينيات من القرن الماضي لعلاج العدوى الناتجة عن البكتيريا السالبة الغرام المسببة للأمراض. ومع ذلك، تم إيقاف استخدامه في الولايات المتحدة في الثمانينيات. لكن في ظل قلة الخيارات المتاحة، أُعيد استخدامه في الطب البشري، حيث صنفته منظمة الصحة العالمية كمضاد حيوي ذو أولوية عالية وضرورية لعلاج العدوى البشرية الخطيرة.

دراسة جديدة: المأكولات البحرية كمصدر للمقاومة

في دراسة جديدة، حدد باحثون من جامعة جورجيا وسيلة جديدة لانتشار جينات مقاومة الكوليستين: المأكولات البحرية المستوردة. أبلغ فريق بقيادة الدكتور عصمت قاسم عن أول عزل لجينات مقاومة الكوليستين في بكتيريا موجودة في الجمبري والمحار المستورد من ثمانية أسواق للأغذية في منطقة أتلانتا.

وأشار قاسم إلى أن معظم المأكولات البحرية المستهلكة في الولايات المتحدة مستوردة، بما في ذلك حوالي 90% من الجمبري. رغم أن المأكولات البحرية المستوردة تخضع للفحص للكشف عن الملوثات، إلا أن العملية لا تكتشف كل شيء، خاصة الجينات المقاومة للمضادات الحيوية.

آلية انتقال مقاومة الكوليستين

وجد الباحثون أن بعض جينات المقاومة تُحمل على بلازميدات، وهي قطع دائرية من المادة الوراثية يمكن نقلها من بكتيريا إلى أخرى. في عام 2016، اكتُشف جين مقاوم للكوليستين يُعرف باسم mcr ، وكان يُعتقد سابقًا أن مقاومة الكوليستين موروثة وليست قابلة للانتقال.

يُعتبر انتقال الجينات المقاومة عبر البلازميدات تهديدًا كبيرًا للصحة العامة لأنه يمكن أن يسهم في الانتشار السريع للمقاومة بين أنواع مختلفة من البكتيريا، مما يقلل من فعالية المضادات الحيوية التقليدية.

التحديات والسبل المستقبلية

قال قاسم إنه على الرغم من أن المجموعة حددت مصدرًا واحدًا لمقاومة الكوليستين، إلا أن هناك احتمالًا لوجود مصادر أخرى. يعيش العالم في ترابط كبير، حيث ينتقل الناس والطعام بشكل مستمر بين البلدان، مما يزيد من فرص انتشار المقاومة.

من المهم الاستثمار في أنظمة المراقبة وتوسيعها والتعاون على المستوى العالمي لمواجهة قضية المقاومة الميكروبية، حيث يمكن أن تكون الأغذية المستوردة وسيلة لنقل المقاومة بين الحدود الوطنية.

الخاتمة

تشير الدراسات الحديثة إلى أن المأكولات البحرية المستوردة يمكن أن تكون مصدرًا لانتشار جينات مقاومة الكوليستين، مما يثير قلقًا حول الانتشار السريع للمقاومة الميكروبية. في ظل الترابط العالمي، تعد مراقبة استخدام المضادات الحيوية في الإنتاج الغذائي وتعزيز التعاون الدولي ضروريين لمواجهة هذا التهديد المتزايد للصحة العامة. إن الفهم العميق لآليات انتقال المقاومة والمراقبة الفعالة يمكن أن يسهم بشكل كبير في تقليل انتشار المقاومة الميكروبية وضمان فعالية العلاجات المستقبلية.

Scroll to Top