في خطوة مبتكرة في مجال الهندسة الطبية الحيوية، طور فريق من الباحثين في جامعة جنوب كاليفورنيا وسادة رضاعة ذكية قادرة على إجراء تحليل كيميائي مباشر لحليب الأم. يُعد هذا الجهاز الأول من نوعه الذي يُدمج التقنية الحسية في وسادة الرضاعة، مما يقدم للأمهات المرضعات معلومات صحية قيمة وفورية، تساعد في دعم صحة الأمهات والرضع.
تقنية مبتكرة لتحليل حليب الأم
تم تصميم وسادة الرضاعة الذكية عبر تثبيت أقطاب كهربائية وقنوات صغيرة في وسادة الرضاعة التقليدية، والتي ترتديها الأمهات عادة لحماية ملابسهن من تسرب الحليب. تعمل هذه الوسادة الذكية على قياس عينة من الحليب للكشف عن مادة الأسيتامينوفين، وهو دواء شائع الاستخدام لتخفيف الألم.
يوفر الجهاز القدرة على مراقبة مستويات الأسيتامينوفين بشكل مستمر طوال اليوم دون الحاجة لأي جهد إضافي من الأمهات، مما يتيح للعلماء فهماً أفضل لكيفية انتقال الأدوية إلى حليب الأم. ورغم أن الأسيتامينوفين آمن عند الجرعات الموصى بها، إلا أن زيادة الجرعة يمكن أن تسبب فشلاً كبديًا حادًا لدى الأطفال، وهو السبب الأكثر شيوعًا لعمليات زراعة الكبد المتعلقة بتسمم الأدوية.
الدافع وراء الابتكار
جاء الإلهام وراء تطوير وسادة الرضاعة الذكية من تجربة لطالبة دراسات عليا في فريق البحث، حيث وُصفت لها حبوب الأسيتامينوفين لتخفيف آلام ما بعد الولادة. على الرغم من أهمية حليب الأم كمصدر غذائي رئيسي للرضع، والقدرة على تعزيز نظامهم المناعي، إلا أن الفريق وجد عددًا قليلاً من التقنيات المتاحة لمراقبة سلامته في الوقت الفعلي.
تتوفر حالياً خدمات قليلة تقوم على جمع العينات عبر البريد، لكنها تتطلب تجهيزات خاصة وتكلفتها عالية، وبحاجة إلى أيام أو أسابيع للحصول على النتائج. من هنا، جاء الهدف من تطوير وسادة الرضاعة الذكية لتزويد الأمهات بمعلومات شخصية وفورية بدلاً من الاعتماد على الرسوم البيانية العامة أو الاختبارات المعملية المتأخرة.
توسيع نطاق الاستخدامات
لا تقتصر فوائد وسادة الرضاعة الذكية على مراقبة الأسيتامينوفين فقط، بل يمكن تعديلها للكشف عن أدوية وعلامات حيوية أخرى لتقييم الحالة الصحية. على سبيل المثال، أظهر الباحثون حديثًا وسادة رضاعة أخرى مزودة بجهاز استشعار لمراقبة مستويات الجلوكوز في حليب الأم، مما يساعد الأمهات في إدارة التغذية ومعالجة حالات مثل سكري الحمل.
كما يشير الباحثون إلى أن الأمهات الجدد غالبًا ما يوصف لهن المضادات الحيوية أو مضادات الفطريات، وعلى الرغم من اعتبارها آمنة بشكل عام أثناء الرضاعة الطبيعية، إلا أنها ليست دائمًا خالية من الأضرار.
التحديات والتطوير المستقبلي
حاليًا، تقتصر قدرة الجهاز على قياس الحليب الناتج عن التسرب الطبيعي، مما قد يحد من تطبيقاته في الحالات التي يكون فيها التسرب قليلًا. كما أن الوسادات مصممة للاستخدام لمرة واحدة، مما يعني الحاجة لتغييرها مع كل اختبار جديد. يعمل الباحثون على تطوير نسخة من الجهاز لتحليل الحليب المستخرج بمضخة، لتوفير خيار اختبار أكثر سهولة وراحة للأمهات.
الخاتمة
تعد وسادة الرضاعة الذكية إنجازًا تقنيًا مهمًا يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في حياة الأمهات المرضعات ورضعهن. من خلال تزويد الأمهات بمعلومات فورية وشخصية حول مستوى الأدوية في حليبهن، يمكن لهذا الابتكار أن يساعد في اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الرضاعة الطبيعية واستخدام الأدوية. مع استمرار البحث والتطوير، قد تصبح هذه الوسادة أداة حيوية لدعم صحة الأم والرضيع على حد سواء.