يعتبر التأمل أحد الأساليب الشائعة لتحسين الصحة العقلية وإدارة الإجهاد، ولكن دراسة جديدة تكشف عن الجانب الآخر للعملة، موضحة أن للتأمل مخاطر وتأثيرات جانبية يمكن أن تكون مضرة لبعض الأشخاص. في هذا المقال، سنستعرض تلك النتائج ونفحص ما تعنيه لممارسي التأمل.
الدراسة ونتائجها
قام فريق من الباحثين بإجراء دراسة شاملة لتقييم الآثار الجانبية للتأمل، حيث أن الكثير من الأبحاث السابقة ركزت فقط على فوائده. شملت الدراسة مجموعة من المتأملين من مختلف الخلفيات والتجارب، وقد أفاد بعض المشاركين بتجارب سلبية ترتبط بممارسة التأمل، وهو ما يتعارض مع الصورة النمطية الإيجابية المرتبطة بهذه العادة.
أظهرت النتائج أن نسبة ليست بالقليلة من المشاركين قد مروا بتجارب تضمنت القلق والخوف والهلوسة والاكتئاب وحتى ظواهر نفسية أخرى. هذه الأعراض كانت متفاوتة الشدة بين الأفراد، ولكنها تثير تساؤلات حول الإرشادات السائدة بخصوص ممارسة التأمل بدون رقابة أو إشراف متخصص.
التأمل وتأثيراته النفسية
يُعتقد أن التأمل يعزز الهدوء والسكينة ويساعد على التركيز وتحسين الحالة النفسية، ولكن الدراسة الحديثة تشير إلى أن الأمور قد لا تكون بهذه البساطة. بالنسبة لبعض الأشخاص، يمكن أن يؤدي التأمل إلى تفاقم الحالات النفسية القائمة أو حتى إثارة مشاعر وأفكار مزعجة كانت مكبوتة.
يقترح الباحثون أن السبب قد يكون مرتبطًا بطبيعة التأمل نفسه، الذي يتطلب من المرء أن يواجه أفكاره ومشاعره بطريقة مباشرة وغير ملهية. هذا قد يكون تحديًا كبيرًا، خاصة للأشخاص الذين يعانون من مشكلات نفسية أو عاطفية.
التأمل والصحة البدنية
بالإضافة إلى الآثار النفسية، يمكن للتأمل أيضًا أن يكون له تأثيرات على الصحة البدنية. فبينما يُنظر إليه على أنه أداة لتحسين الصحة العامة، فإن الجلوس لفترات طويلة دون حركة، وهو ما يتطلبه التأمل تقليديًا، قد يؤدي إلى مشاكل في الدورة الدموية أو العضلات والعظام. كما أن التركيز المفرط على التنفس يمكن أن يسبب الدوار أو حتى الإغماء في بعض الحالات.
التوصيات لممارسي التأمل
توصي الدراسة بأن يتم التأمل تحت إشراف متخصصين وأن يتم توعية الممارسين بالآثار الجانبية المحتملة. كما يجب على الأشخاص الذين لديهم تاريخ من الأمراض النفسية أو العاطفية أن يتقدموا بحذر شديد عند البدء بممارسة التأمل، وربما يستفيدون من البحث عن أساليب أخرى للراحة والاسترخاء.
من المهم أيضًا أن يتم تعديل تقنيات التأمل لتناسب الأفراد وأوضاعهم الخاصة، وألا يتم تطبيق ممارسات موحدة دون مراعاة للتباينات الشخصية.
الخاتمة
تكشف الدراسة الحديثة عن جوانب قد تكون مظلمة للتأمل، مشيرة إلى أنه ليس مناسبًا للجميع وأنه قد يحمل مخاطر وآثار جانبية. من الضروري النظر في هذه التحذيرات وأخذها بعين الاعتبار عند ممارسة التأمل أو توجيه الآخرين له. وفي النهاية، يجب أن تكون الصحة العقلية والجسدية هي الأولوية القصوى، وأن يتم اختيار الأساليب والتقنيات التي تخدم هذه الغاية بأفضل شكل ممكن.


