كيف يفرق الدماغ بين الواقع والخيال؟

تخيل تفاحة، أي تفاحة. إذا لم تكن تعاني من ظاهرة فقدان التخييل، فإن هذه الفكرة تنشط عقلك بشكل مشابه لما يحدث عندما ترى تفاحة حقيقية. لكن يبقى السؤال: كيف يفرق دماغنا بين الواقع والخيال؟

الآلية العصبية للتفريق بين الواقع والخيال

بدأ علماء الأعصاب في فهم الدوائر العصبية التي تتعامل مع التمييز بين الواقع والخيال. في دراسة حديثة، حدد الباحثون منطقة في الدماغ تولد ما يسمى بإشارة “الواقع”. يتم تقييم هذه الإشارة من قبل منطقة أخرى، وعندما تعمل بشكل غير طبيعي، ترتبط بأمراض مثل الفصام.

تشير الأبحاث إلى أن فهم آلية مراقبة الواقع يمكن أن يساعد في فهم وعلاج الفصام واضطرابات أخرى تؤثر على القدرة على التمييز بين الواقع والخيال.

كيف يعالج الدماغ المعلومات البصرية

نميل إلى الاعتقاد بأننا ندرك الواقع كما هو، لكن المعلومات التي تصل من العين إلى الدماغ تصبح أكثر تجريدية وذاتية. في المناطق المبكرة من معالجة البصرية، تُحول الخطوط والألوان إلى مفاهيم ومعاني عندما تصل إلى شبكات قشرية أعلى.

تسمى هذه العملية بـ”المعالجة من الأسفل إلى الأعلى”، حيث تتدفق المعلومات من العين إلى الدماغ. لكن هناك أيضًا معالجة “من الأعلى إلى الأسفل”، حيث تؤثر الإدراك الأعلى على الإدراك الحسي. هذه المعالجة يمكن أن تؤدي إلى أوهام بصرية أو سمعية مثل مقطع الصوت “ياني-لوريل”.

التجربة العملية لفهم التمييز بين الواقع والخيال

أجرى الباحثون تجربة حيث عرضوا على المشاركين أنماطاً صعبة الرؤية أثناء وجودهم داخل ماسح للدماغ. طُلب من المشاركين تخيل نمط معين والتعرف عليه إذا كان موجودًا فعلاً. النتائج أظهرت أن المشاركين كانوا أكثر عرضة لاعتبار النمط موجودًا إذا كانوا يتخيلون نفس النمط.

كشفت الفحوصات بالرنين المغناطيسي الوظيفي أن منطقة تسمى الجيروس المغزلي تنشط عند رؤية أو تخيل شيء ما، وتشير هذه النشاطات إلى ما إذا كان الشخص يعتقد أن شيئًا ما حقيقي حتى وإن كان متخيلاً.

أهمية الإشارة الواقعية في الدماغ

تكون الإشارة الواقعية في الجيروس المغزلي مجموع النشاط من كل من التخيل والإدراك. يعتقد الباحثون أن هذه الإشارة تُقيّم في منطقة أخرى تسمى القشرة الجزيرية الأمامية، التي تقرر ما إذا كان النشاط فوق مستوى معين حقيقيًا أم لا.

هذا النظام يعمل بشكل جيد في العادة، لأن الإدراك يولد نشاطًا أقوى من التخيل، مما يجعله يتجاوز الحد الأدنى للإشارة الواقعية، بينما التخيل عادة لا يفعل ذلك.

الخاتمة

تشير الأبحاث إلى أن الدماغ يعتمد على إشارة واقعية لتحديد ما إذا كانت المعلومات حقيقية أو متخيلة. هذا الفهم قد يساعد في تطوير علاجات جديدة للاضطرابات النفسية مثل الفصام، حيث يمكن أن يؤدي عدم توازن هذه الآلية إلى هلوسات. عبر استهداف هذه الدوائر العصبية، يمكن تحسين قدرة الأفراد على التمييز بين الواقع والخيال.

Scroll to Top