في دراسة حديثة أجريت على الفئران، توصل باحثون إلى آليات جديدة لفهم كيفية اتخاذ الدماغ للقرارات استنادًا إلى الروابط غير المباشرة بين المحفزات المختلفة. يشير هذا الاكتشاف إلى أن الدماغ قادر على تكوين روابط بين محفزين أو أكثر، مما يتيح اتخاذ قرارات معقدة دون الاعتماد على الارتباطات المباشرة.
آلية الدراسة وملاحظات الفئران
في سياق الدراسة، خضعت الفئران لعدة اختبارات سلوكية حيث تم تدريبها على ربط رائحة الموز بمذاق حلو ورائحة اللوز بمذاق مالح. عند ارتباط رائحة الموز بمحفز سلبي، رفضت الفئران المذاق الحلو المرتبط برائحة الموز، مما يعكس تكوين ارتباط غير مباشر بين المذاق الحلو والمحفز السلبي.
هذه التجربة توضح كيف يمكن للدماغ أن يكوِّن روابط غير مباشرة بين المحفزات مما يؤثر في القرارات السلوكية للفئران. يعكس هذا النموذج قدرة الدماغ على التعامل مع المعلومات المعقدة بأسلوب غير تقليدي.
دور اللوزة الدماغية
استخدم الباحثون تقنيات جينية لتحديد المناطق الدماغية التي تنشط أثناء عملية الترميز وتثبيت الارتباطات. ووجدوا أن اللوزة الدماغية، وهي منطقة مرتبطة بردود الفعل مثل الخوف والقلق، كانت نشطة عندما قامت الفئران بربط الروائح والمذاق.
كما حدد الباحثون مناطق دماغية أخرى تفاعلت مع اللوزة الدماغية، مشيرين إلى وجود دائرة دماغية تتحكم في تكوين هذه الارتباطات غير المباشرة. وقد أثبتوا أنه إذا تم تثبيط نشاط اللوزة الدماغية أثناء تعرض الفئران للمحفزات، فإنها لم تتمكن من تكوين هذه الروابط.
تطبيقات البحث في معالجة الاضطرابات النفسية
وفقًا للدكتور أرنو بوسكيتس، يعتقد الباحثون أن الدوائر الدماغية المعنية بعمليات اتخاذ القرار لدى البشر تشبه تلك الموجودة لدى الفئران. لذا، فإن البيانات التي تم الحصول عليها يمكن أن تكون ذات أهمية لعلاج بعض الاضطرابات النفسية المرتبطة بنشاط اللوزة الدماغية.
يُعتَقد أن التغيرات في هذه الارتباطات غير المباشرة تشكل أساسًا لاضطرابات نفسية متنوعة مثل الذهان واضطراب ما بعد الصدمة. لذا فإن فهم الدوائر الدماغية المتورطة في هذه العمليات الإدراكية المعقدة يمكن أن يساعد في تصميم استراتيجيات علاجية جديدة للبشر.
الخاتمة
تعد هذه الدراسة خطوة هامة نحو فهم أعمق لكيفية اتخاذ الدماغ للقرارات المعقدة عبر الارتباطات غير المباشرة بين المحفزات. وقد تسهم هذه الفهم في تطوير علاجات فعالة للاضطرابات النفسية المرتبطة بنشاط اللوزة الدماغية. من خلال تحسين الفهم للدوائر العصبية، يمكن للعلماء تصميم تدخلات علاجية تسهم في تحسين حياة المرضى الذين يعانون من اضطرابات نفسية معقدة.
