في اكتشاف علمي مدهش، كشفت دراسة حديثة أن خلية عصبية واحدة في دماغ ذبابة الفاكهة يمكنها أن تؤدي وظيفتين مختلفتين عند استشعار نفس الرائحة. هذا الاكتشاف يغير الفهم السابق لوظائف الخلايا العصبية ويعطي نظرة جديدة لتفاعل الدماغ مع المحفزات الخارجية.
الخلايا العصبية والاستجابة للرائحة
لطالما اعتقد العلماء أن كل خلية عصبية في الدماغ تقوم بوظيفة واحدة محددة. لكن الأبحاث الحديثة تشير إلى أن بعض الخلايا العصبية قادرة على القيام بأكثر من وظيفة واحدة. في دراسة قام بها علماء من جامعة ييل، تم اكتشاف أن الخلايا العصبية في ذبابة الفاكهة يمكنها توليد إشارات كهربائية مختلفة تؤدي إلى سلوكيات متنوعة استجابةً لنفس الرائحة.
عندما تشم ذبابة الفاكهة رائحة الفاكهة المتعفنة، تقوم خلية عصبية واحدة في قرون الاستشعار بإرسال إشارة إلى خلايا عصبية أخرى في الدماغ. هذه الإشارة يمكن أن تُدير سلوك الذبابة بطريقتين: إما تحفيزها على التوجه نحو مصدر الرائحة أو زيادة سرعتها في الحركة.
آلية عمل الخلايا العصبية المتعددة الوظائف
تُظهر الدراسات أن الخلايا العصبية المتعددة الوظائف ليست خاصة بذبابة الفاكهة فقط. فقد وجدت في العديد من الكائنات الأخرى مثل القشريات والديدان المستديرة والفئران والبشر. هذا يثير التساؤلات حول كيفية عمل هذه الخلايا على مستوى الدوائر العصبية.
في تجربة أجراها فريق البحث، قاموا بقياس النشاط الكهربائي للخلايا العصبية في دماغ ذبابة الفاكهة عند تعرضها لإيثيل أسيتات، وهو مركب كيميائي يشير إلى وجود فاكهة متعفنة. تم اكتشاف أن الخلايا العصبية في المستوى الثالث من النظام الشمي تستجيب بطرق مختلفة لنفس الرائحة، مما يشير إلى وجود ديناميكيات متباينة في استجابة الخلايا العصبية.
التجارب العملية والنتائج
لتأكيد هذه الديناميكيات المختلفة، قام الباحثون بتعديل ذبابة الفاكهة جينياً بحيث يتم تعطيل وظيفة بعض الخلايا العصبية. عند اختبار الذباب المعدل في نفق هوائي يحاكي رائحة الفاكهة المتعفنة، لاحظ الباحثون أن تعطيل الخلايا العصبية المعينة أثر على سلوك الذباب في التوجه نحو الرائحة أو زيادة سرعته.
هذه التجارب قدمت دليلاً إضافياً على أن الخلايا العصبية قادرة على إرسال إشارات مختلفة تؤدي إلى سلوكيات متنوعة، مما يوضح الكفاءة العالية للدوائر العصبية في الدماغ.
الخاتمة
تشير النتائج إلى أن الخلايا العصبية في دماغ ذبابة الفاكهة ليست محدودة بوظيفة واحدة كما كان يعتقد سابقاً. بدلاً من ذلك، يمكن لهذه الخلايا إرسال إشارات متعددة تؤدي إلى استجابات سلوكية مختلفة. هذا الاكتشاف قد يساهم في فهم أعمق لكيفية ترميز الدوائر العصبية للسلوكيات المعقدة بشكل فعال، ويفتح آفاقاً جديدة في دراسة الدماغ وكيفية عمله في الكائنات الحية.


