أظهرت دراسة حديثة أجريت على الكتاكيت المولودة حديثًا أن تخصص الدماغ، أو التخصص النصفي للدماغ، يلعب دورًا حاسمًا في تطوير الخط الرقمي العقلي من اليسار إلى اليمين. تشير النتائج إلى أن هذا الارتباط بين الأرقام والمساحة قد يكون له أصول بيولوجية بحتة وليس ناتجًا عن التجارب الثقافية فقط. تساعد هذه الدراسة في تعميق فهمنا لتطور الإدراك العددي وتفسير الفروق في القدرات العددية بين الأفراد.
أهمية التخصص النصفي للدماغ
التخصص النصفي للدماغ هو ظاهرة تشير إلى ميل النصفين الأيمن والأيسر من الدماغ للاختصاص في وظائف مختلفة. في الدراسة، وجد الباحثون أن الكتاكيت ذات التخصص النصفي القوي للدماغ أظهرت اتجاها واضحًا لترتيب الأرقام من اليسار إلى اليمين، بينما لم تظهر الكتاكيت ذات التخصص النصفي الضعيف نفس النمط.
يعزز هذا الاكتشاف الفكرة القائلة بأن تخصص الدماغ ليس مجرد ظاهرة مرتبطة بالخط الرقمي العقلي، بل هو أساسي له. وتعتبر هذه الدراسة أول دليل مباشر على أن التخصص النصفي للدماغ يقود الارتباطات العددية المكانية.
تأثير التعرض للضوء أثناء التطور الجنيني
أحد العوامل المهمة التي أظهرتها الدراسة هو تأثير التعرض للضوء أثناء التطور الجنيني في تعزيز تخصص الدماغ لدى الكتاكيت. أظهرت الكتاكيت التي تعرضت للضوء أثناء مرحلة التطور الجنيني تخصصًا نصفيًا قويًا وأداءً عدديًا مكانيًا محسّنًا.
قام الباحثون بتجربة على 100 بيضة كتكوت، تم تعريض نصفها للضوء والنصف الآخر تم إبقاؤه في الظلام. بعد الفقس، أظهرت الكتاكيت المعرضة للضوء اتجاهاً واضحًا في اختيار القبعة الرابعة من اليسار، مما يشير إلى وجود خط رقمي عقلي من اليسار إلى اليمين.
تجارب إضافية لدعم النتائج
أجرى الباحثون تجارب إضافية لتأكيد دور التخصص النصفي للدماغ في تطوير الخط الرقمي العقلي. عندما تم تغطية عين واحدة للكتاكيت، لاحظ الباحثون أن الكتاكيت التي استخدمت عينها اليسرى (التي ترسل إشارات إلى النصف الأيمن من الدماغ) استمرت في اختيار القبعة الرابعة من اليسار.
توضح هذه التجارب أن النصف الأيمن من الدماغ يلعب دورًا مهمًا في دمج الإشارات العددية والمكانية. ومع ذلك، فشلت الكتاكيت ذات التخصص النصفي الضعيف في إظهار نفس النمط عند استخدام عين واحدة.
الخاتمة
تؤكد هذه الدراسة على أهمية التخصص النصفي للدماغ في تطوير القدرات العددية المكانية، مما يوضح أن هذه القدرات ليست مجرد نتيجة للتجارب الثقافية، بل لها أصول بيولوجية. يمكن أن تساعد هذه النتائج في فهم سبب ظهور القدرات الإدراكية العددية في مراحل معينة من التطور، وتفسير الفروق الفردية في القدرات العددية لدى البشر. تفتح هذه الأبحاث الباب لمزيد من الدراسات حول أصول التفكير العددي وكيف يمكن أن تؤثر التجارب الحسية المبكرة على النتائج الإدراكية لاحقًا.