في خطوة قد تكون مفتاحاً لفهم أكثر دقة لمرض الزهايمر، اكتشف الباحثون أن الأشخاص المصابين بهذا المرض يظهرون مستويات عالية غير معتادة من المرونة العصبية، وهي عملية إعادة تنظيم مستمرة لشبكات الدماغ حتى في حالة الراحة. وقد أظهرت دراسة موسعة على البالغين الأكبر سناً أن هذه المرونة العالية في الشبكات البصرية يمكن أن تتنبأ بتحول المشاركين الأصحاء إلى مرضى بالخرف في المستقبل.
ما هي المرونة العصبية؟
تُعرف المرونة العصبية بأنها القدرة الديناميكية للدماغ على إعادة تنظيم المناطق المختلفة فيه لتكوين شبكات وظيفية جديدة، مما يمكّنه من أداء مجموعة متنوعة من المهام المعرفية. وقد أوضحت البروفيسورة إيليانا فارانجيس، من جامعة ميشيغان، أن الدماغ في حالة مرض الزهايمر يعيد التنظيم بتكرار أكبر.
يشير هذا الاكتشاف إلى أن قياس هذه القدرة على إعادة التنظيم قد يكون بمثابة مؤشر مبكر لخطر الإصابة بمرض الزهايمر، مما يفتح الأبواب أمام طرق جديدة للتشخيص المبكر وربما التدخل العلاجي.
التنبؤ بالزهايمر عبر المرونة العصبية
وجد الباحثون أن المرونة العصبية كانت أعلى بشكل ملحوظ في مجموعة مرضى الزهايمر مقارنة بالمجموعة الطبيعية من الناحية الإدراكية، خاصة في الشبكات البصرية. وكانت هذه المرونة أيضاً أعلى لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف إدراكي طفيف مقارنة بالأشخاص الأصحاء في نفس الشبكة.
من بين 617 مشاركاً صحياً في بداية الدراسة، تحول 8.6% منهم إلى مرضى بالخرف خلال 11 عاماً، مما يتماشى مع التقديرات الوطنية لانتشار الخرف بين كبار السن. وقد ارتبطت المرونة العصبية العالية في الشبكة البصرية بالتحول إلى مرض الزهايمر.
المرونة العصبية: الأمل والتحدي
على الرغم من أن المرونة والتكيف يُنظر إليهما عادة كعلامات إيجابية، إلا أن الاكتشاف بأن هذه المرونة قد تشير إلى وجود خلل في عمل الدماغ يمثل تحدياً كبيراً. ومع ذلك، فإنه يعزز الأمل في قدرة الدماغ على التكيف حتى في مواجهة الأمراض التنكسية العصبية.
تشير النتائج إلى أن المرونة العصبية يمكن أن تكون علامة حيوية قيمة لمرض الزهايمر، ولكنها لا تزال تقنية تجريبية بعيدة عن أن تكون تطبيقاً تشخيصياً عملياً.
الخاتمة
تشير هذه الدراسة إلى أن الدماغ يمتلك قدرة مذهلة على التكيف وإعادة التنظيم، حتى في مواجهة أمراض مثل الزهايمر. إن فهم هذه العمليات يمكن أن يساعد في تطوير استراتيجيات جديدة للتشخيص المبكر والتدخل العلاجي، مما يعزز الأمل في تحسين جودة الحياة للأفراد الذين قد يواجهون هذا المرض في المستقبل.