أظهرت دراسة جديدة أن التوتر المزمن يؤدي إلى إطلاق خلايا مناعية تُعرف باسم النيوتروفيلات من نخاع العظم في الجمجمة، حيث تتجمع في الأغشية الواقية للدماغ وتساهم في ظهور أعراض الاكتئاب. في الفئران، أدى حجب مسار إنذار مناعي إلى تقليل هذه الخلايا وتحسين السلوكيات المرتبطة بالمزاج.
دور النيوتروفيلات في الاكتئاب
النيوتروفيلات هي نوع من خلايا الدم البيضاء التي تلعب دورًا مهمًا في الاستجابة المناعية للجسم. وقد أظهرت الدراسات السابقة ارتباط المستويات العالية من هذه الخلايا بشدة الاكتئاب، لكن كيفية مساهمتها في أعراض الاكتئاب لم تكن واضحة حتى الآن.
في الدراسة التي أجراها فريق من جامعة كامبريدج ومعهد الصحة العقلية الوطني في الولايات المتحدة، تم اختبار فرضية أن التوتر المزمن يمكن أن يؤدي إلى إطلاق النيوتروفيلات من نخاع العظم في الجمجمة. تتجمع هذه الخلايا في السحايا، الأغشية التي تغطي وتحمي الدماغ والحبل الشوكي، وتؤدي إلى ظهور أعراض الاكتئاب.
التوتر المزمن وآثاره على الدماغ
التوتر المزمن هو حالة يبقى فيها الجهاز المناعي نشطًا لفترة طويلة دون وجود عدوى أو إصابة لمكافحتها. وقد تم ربط هذا النوع من الالتهاب بالإصابة بالاكتئاب، مما يشير إلى أن الجهاز المناعي قد يلعب دورًا مهمًا في تطور اضطرابات المزاج.
في التجارب التي أُجريت على الفئران، تم تعريضها لضغط اجتماعي مزمن، حيث تم إدخال فأر “دخيل” إلى قفص فأر مقيم عدواني. وأظهرت النتائج أن التعرض المطول لهذا البيئة المجهدة أدى إلى زيادة ملحوظة في مستويات النيوتروفيلات في السحايا، وكان ذلك مرتبطًا بعلامات سلوك اكتئابي في الفئران.
إشارات الإنذار المناعي ومسار الإنترفيرون
أشارت التحليلات إلى أن التوتر المزمن يحفز نوعًا من إشارات الإنذار المناعي المعروفة باسم إشارات الإنترفيرون من النوع الأول في النيوتروفيلات. وقد أظهر حجب هذا المسار، بفعالية إيقاف الإنذار، تقليل عدد النيوتروفيلات في السحايا وتحسين السلوك في الفئران المكتئبة.
هذا المسار مرتبط سابقًا بالاكتئاب، حيث أن الإنترفيرونات من النوع الأول تُستخدم لعلاج مرضى التهاب الكبد C، لكن تأثيرها الجانبي المعروف هو أنها يمكن أن تسبب اكتئابًا شديدًا خلال العلاج.
الخاتمة
توضح هذه الدراسة كيف يمكن أن يؤدي التوتر المزمن إلى تغييرات دائمة في البيئة المناعية للدماغ، مما يساهم في الاكتئاب. كما تفتح الأبواب أمام علاجات جديدة محتملة تستهدف الجهاز المناعي بدلاً من التركيز فقط على كيمياء الدماغ. إذا تمكنا من فهم ما يحدث في النظام المناعي، فقد نتمكن من تخفيف أو تقليل أعراض الاكتئاب.