أظهرت دراسة حديثة أن الضرر في مسار المادة البيضاء في الدماغ، المعروف بالفُصيص الأيمن، قد يزيد من احتمالية السلوك الإجرامي أو العنيف بعد الإصابة الدماغية. تتبع الباحثون مسح أدمغة لأفراد بدأوا بارتكاب الجرائم بعد تعرضهم لسكتات دماغية أو أورام أو إصابات دماغية، ووجدوا تلفًا متكررًا في هذه المنطقة.
الفُصيص الأيمن: الرابط العصبي بين المشاعر واتخاذ القرار
الفُصيص الأيمن هو مسار مادة بيضاء يربط بين مناطق الدماغ المسؤولة عن المشاعر واتخاذ القرارات. عندما يتعرض هذا المسار للضرر، يمكن أن يؤثر ذلك بشكل كبير على قدرة الشخص على التحكم في الاندفاع واتخاذ القرارات الأخلاقية. يبرز هذا الاكتشاف أهمية فهم كيفية تأثير الإصابة الدماغية على السلوك الاجتماعي والجنائي.
أوضح الدكتور كريستوفر فيلي، أستاذ فخري في علم الأعصاب، أن الفُصيص الأيمن يشبه الكابل الذي يربط بين مناطق الدماغ. وعندما يتعرض للضرر على الجانب الأيمن، يمكن أن تتأثر قدرة الشخص على تنظيم العواطف واتخاذ القرارات الأخلاقية.
التداعيات الأخلاقية والقانونية للدراسة
تثير هذه الدراسة أسئلة أخلاقية وقانونية حول المسؤولية الجنائية والإرادة الحرة. إذ كيف يمكن للضرر الدماغي أن يؤثر على الحكم على النية الجنائية؟ يُشير الدكتور إسحاق كليتنيك، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بجامعة هارفارد، إلى أن دور الدماغ في توجيه السلوكيات الاجتماعية مثل الإجرام لا يزال مثيراً للجدل.
تشير الدراسة إلى أنه بينما قد لا يصبح جميع المصابين بهذا النوع من الإصابات عنيفين، إلا أن الضرر في الفُصيص الأيمن قد يلعب دورًا في ظهور السلوك الإجرامي الجديد بعد الإصابة.
أهمية الدراسة في المجال الطبي والقانوني
قد يكون لهذه الدراسة تأثيرات حقيقية في المجالات الطبية والقانونية. من الناحية الطبية، قد يتمكن الأطباء من تحديد المرضى المعرضين للخطر بشكل أفضل وتقديم تدخلات مبكرة فعالة. أما من الناحية القانونية، فقد تحتاج المحاكم إلى النظر في تأثير الضرر الدماغي عند تقييم المسؤولية الجنائية.
ويوضح كليتنيك أن النتائج تساهم في فهمنا المتزايد لكيفية تنظيم السلوك الاجتماعي بواسطة الدماغ، وتوفر بيانات مفيدة يمكن أن تساعد في إثراء النقاش حول هذا الموضوع.
الخاتمة
تؤكد الدراسة على أن الضرر في مسار الفُصيص الأيمن قد يكون له صلة مباشرة بالسلوك الإجرامي، خاصة في حالات الجرائم العنيفة. تثير هذه النتائج أسئلة مهمة حول كيفية تعامل النظام القضائي مع الأفراد الذين يعانون من إصابات دماغية وما إذا كان يجب أن يؤثر ذلك على الأحكام القانونية. تتطلب هذه المسألة مزيدًا من البحث والتفكير العميق لضمان العدالة والإنصاف في التعامل مع القضايا الجنائية المتعلقة بإصابات الدماغ.