يعتبر الهذيان حالة من الارتباك الحاد والشديد الذي يحمل مخاطر تهدد الحياة وغالبًا ما يمر دون اكتشافه في المرضى المنومين بالمستشفيات. وتأتي أهمية تطوير نموذج الذكاء الاصطناعي الجديد لتحديد مخاطر الهذيان في الوقت الفعلي كخطوة ثورية في مجال الرعاية الصحية، حيث يساهم في تحسين الكشف عن الهذيان ومعالجته بفعالية.
فهم الهذيان وأهميته في المستشفيات
الهذيان حالة طبية شائعة بين المرضى المنومين في المستشفيات، حيث تتصف بارتباك حاد وفقدان التركيز والوعي. هذه الحالة لا تُكتشف بسهولة وغالبًا ما تؤدي إلى تمديد فترة الإقامة في المستشفى وزيادة خطر الوفاة.
تعتبر هذه الحالة تحديًا كبيرًا في الرعاية الصحية، حيث إن عدم اكتشافها ومعالجتها في الوقت المناسب يمكن أن يؤدي إلى تدهور الحالة الصحية للمرضى وزيادة التكلفة على النظام الصحي. لذلك، فإن تطوير أدوات دقيقة وفعالة لتحديد مخاطر الهذيان يُعد ضرورة ملحة.
تطوير نموذج الذكاء الاصطناعي في مركز ماونت سيناي
بادرت مدرسة إيكان للطب في ماونت سيناي بتطوير نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتقييم مخاطر الهذيان. عمل الباحثون بشكل وثيق مع الأطباء وموظفي المستشفى لضمان أن يكون النموذج فعالًا وقابلاً للتنفيذ في البيئات السريرية.
اعتمد الفريق البحثي على الدمج الرأسي، حيث تم تطوير النموذج واختباره بشكل متزامن مع تطبيقه في المستشفى. هذا النهج سمح بتحسين النموذج في الوقت الفعلي وضمان توافقه مع العمليات السريرية دون التأثير على وقت الأطباء.
نتائج النموذج وتأثيره في تحسين الرعاية الصحية
عند تطبيق النموذج في مركز ماونت سيناي، شهدت عملية الكشف عن الهذيان تحسنًا ملحوظًا. تضاعف عدد الحالات المكتشفة بنسبة 400% دون زيادة الوقت اللازم لفحص المرضى. كما تحسنت عمليات وصف الأدوية، حيث قللت من استخدام الأدوية غير المناسبة لكبار السن.
اعتمد النموذج على مزيج من البيانات المنظمة وملاحظات الأطباء في السجلات الصحية الإلكترونية. استُخدم التعلم الآلي لتحليل الأنماط في البيانات التي ترتبط بخطر الهذيان، إلى جانب معالجة اللغة الطبيعية لاستخراج الأنماط من ملاحظات الأطباء.
التحديات والمستقبل في تطبيق النموذج
رغم النجاح الذي حققه النموذج في مركز ماونت سيناي، إلا أن هناك حاجة إلى المزيد من التحقق من فعاليته في أنظمة مستشفيات أخرى. يتطلب ذلك اختباره في بيئات متنوعة لضمان توافقه مع مختلف الظروف السريرية.
يشير الدكتور ديفيد ريتش، أحد مؤلفي الدراسة، إلى أن هذه الأدوات تمثل قفزات نوعية في تحسين سلامة المرضى ونتائج العلاج. من المهم الاستمرار في تطوير واختبار وتطبيق أدوات الذكاء الاصطناعي ضمن العمليات السريرية لتقديم الرعاية المتخصصة اللازمة للمرضى في الوقت المناسب.
الخاتمة
يمثل النموذج الذي طورته مدرسة إيكان للطب في ماونت سيناي خطوة هامة نحو تحسين رعاية المرضى من خلال الذكاء الاصطناعي. بفضل هذا النموذج، تحسنت معدلات الكشف عن الهذيان بشكل ملحوظ، مما يتيح تدخلًا مبكرًا وتحسينًا في عمليات وصف الأدوية. يُعد هذا النهج خطوة نحو تحويل النظام الصحي إلى نظام تعليمي يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحسين سلامة المرضى ونتائج العلاج في المستقبل.