تشير الأبحاث الجديدة إلى أن الأفراد الذين تعافوا من الاكتئاب قد يظلون حساسين بشكل متزايد للإشارات السلبية والتغذية الراجعة العقابية. تحليل نشاط الدماغ أظهر أن النواة السحائية، وهي منطقة في الدماغ مسؤولة عن معالجة الإشارات السلبية، تبقى مفرطة النشاط حتى بعد التعافي من أعراض الاكتئاب.
دور النواة السحائية في الاكتئاب
النواة السحائية هي جزء صغير من الدماغ تلعب دورًا حاسمًا في معالجة التغذية الراجعة السلبية والتعلم النفوري. يُعرف التعلم النفوري بأنه عملية يربط فيها الفرد بين سلوك معين ونتيجة غير سارة، مما يؤدي إلى تجنب هذا السلوك في المستقبل.
في الدراسة الحديثة، استخدم الباحثون تقنية الرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) لدراسة نشاط الدماغ لدى 36 مريضًا يعانون من الاكتئاب المتكرر و27 شخصًا سليمًا. وكشف التصوير أن الأفراد الذين تعافوا من الاكتئاب أظهروا نشاطًا مفرطًا في النواة السحائية أثناء توقع العقوبة.
انخفاض الاتصال بين النواة السحائية ومناطق المكافأة
أحد الاكتشافات الرئيسية في هذه الدراسة هو انخفاض الاتصال بين النواة السحائية والمناطق الدماغية المنتجة للدوبامين مثل المنطقة السقائية البطنية. يُعتقد أن هذه المناطق تلعب دورًا في تنظيم الاستجابة للمكافأة والمتعة، وبالتالي فإن ضعف الاتصال بينها قد يساهم في صعوبة تنظيم الاستجابات للإجهاد والعقوبة.
هذا الانخفاض في الاتصال يمكن أن يكون أحد الأسباب التي تجعل الأفراد الذين تعافوا من الاكتئاب يواجهون صعوبة في التعامل مع الإجهاد وقد يؤدي إلى انتكاسات مستقبلية.
خطر الانتكاس في الاكتئاب
تشير الدراسات إلى أن ما يصل إلى 80% من الأفراد الذين يعانون من الاكتئاب قد يعانون من عودة الأعراض خلال خمس سنوات من التعافي. وهذا يشير إلى أن التحسن في الأعراض لا يعني دائمًا أن الشخص قد تعافى تمامًا من المرض.
الآليات العصبية المستمرة التي تجعل الأفراد عرضة للانتكاس قد تكون مرتبطة بالنشاط المفرط للنواة السحائية والانخفاض في الاتصال مع مناطق المكافأة. فهم هذه العمليات يمكن أن يساعد في تطوير استراتيجيات وقائية أفضل لمساعدة الأفراد في الحفاظ على تعافيهم على المدى الطويل.
الخاتمة
الدراسة تسلط الضوء على أن حتى بعد تحسن أعراض الاكتئاب، قد يظل الأفراد يعانون من حساسية مفرطة للإشارات السلبية. النشاط المفرط للنواة السحائية وضعف الاتصال مع مناطق المكافأة قد يعزز من خطر الانتكاس. هذه الاكتشافات تفتح آفاقًا جديدة لفهم أفضل للأسباب الكامنة وراء الانتكاس في الاكتئاب وتطوير تدخلات علاجية أكثر دقة وفعالية.