التأثير الجيني والبيئي على الوضع الاجتماعي والدماغ

في دراسة عالمية شملت ما يقرب من مليون فرد، تم تحديد مئات المناطق الجينية المرتبطة بالوضع الاجتماعي والاقتصادي، مما يكشف عن إشارة جينية مشتركة عبر الدخل والتعليم والمهنة والحرمان. وبينما يمكن أن يُعزى حوالي 9% من التباين في الوضع الاجتماعي والاقتصادي إلى الجينات، فإن الباقي تحركه العوامل الاجتماعية والبيئية.

الإشارة الجينية المشتركة وعلاقتها بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية

أظهرت الدراسة أن هناك إشارة جينية مشتركة تحتل مكانًا رئيسيًا في تحديد الوضع الاجتماعي والاقتصادي. هذه الإشارة تؤثر على الدخل والتعليم والمهنة والحرمان الاجتماعي. وقد تم تحليل هذه الإشارة في 947,466 فردًا، حيث استخدمت الدراسة تقنية تُعرف باسم دراسة الارتباط على نطاق الجينوم، والتي تبحث عن الروابط بين المتغيرات الجينية والسمات في الدماغ والسلوك.

تم تحديد 554 منطقة في الجينوم البشري مرتبطة بالوضع الاجتماعي والاقتصادي. وتشير النتائج إلى أن هناك عاملاً جينيًا مشتركًا يؤثر على الأربعة عوامل المذكورة، مما يساعد في فهم كيف يمكن أن تؤثر الجينات على التحصيل التعليمي والمهنة والدخل.

الصحة الدماغية والارتباط بالوضع الاجتماعي والاقتصادي

استخدم الباحثون مسحًا للدماغ من أكثر من 40,000 مشارك، واكتشفوا أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي الأعلى يرتبط بعدد أقل من الاضطرابات البيضاء في الدماغ، وهي آفات دماغية مرتبطة بالتدهور المعرفي والخرف. هذا يشير إلى أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي يمكن أن يكون عاملاً محوريًا في الحفاظ على صحة الدماغ.

تمثل هذه الاضطرابات البيضاء في الدماغ نسبة من حجم الجمجمة الداخلي (WMHicv)، وقد وجدت الدراسة أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي يمكن أن يكون له تأثير وقائي ضد هذه الاضطرابات، بغض النظر عن القدرات المعرفية للفرد.

تأثيرات العوامل الاجتماعية والبيئية على الصحة العقلية

على الرغم من أن الجينات تلعب دورًا في تحديد الوضع الاجتماعي والاقتصادي، فإن الغالبية العظمى من الفروق في الصحة العقلية تفسرها العوامل البيئية والاجتماعية الأخرى مثل الظروف الاجتماعية والسياسات المحددة وحتى الحظ. هذا يعني أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي ليس مصيرًا محددًا بجيناتنا، بل يمكن تغييره والتأثير عليه من خلال الظروف البيئية والاجتماعية.

وقد أكد الباحثون على أن البيانات الجينية تساعد في تحديد دور العوامل البيئية المتغيرة مثل الوضع الاجتماعي والاقتصادي في كيفية تقدم الدماغ بالعمر.

الخاتمة

تسلط الدراسة الضوء على أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي هو عامل مؤثر يمكن تغييره وليس مصيرًا محددًا جينيًا. بينما تلعب الجينات دورًا في تحديده، فإن التأثير الأكبر يأتي من العوامل البيئية والاجتماعية. وبالتالي، يمثل الوضع الاجتماعي والاقتصادي عاملاً مهمًا في الحفاظ على صحة الدماغ، ويمكن أن يكون له تأثير وقائي ضد تدهور القدرات المعرفية مع التقدم في العمر.

Scroll to Top