تُعتبر المواد الكيميائية المعروفة باسم PFAS من المواد الكيميائية الدائمة التي كانت تُستخدم على نطاق واسع في المنتجات الصناعية والاستهلاكية. لكن دراسة حديثة تشير إلى أن أحد هذه المواد، وهو حمض البيرفلوروهكسانويك (PFHxA)، قد يسبب تغيرات سلوكية طويلة الأمد عندما يحدث التعرض له في مراحل مبكرة من النمو.
مقدمة حول PFAS وPFHxA
المواد البيرفلوروألكيلية والبوليفلوروألكيلية (PFAS) تشكل مجموعة من المواد الكيميائية المصنعة التي تُستخدم منذ عقود في العديد من التطبيقات الصناعية والاستهلاكية بسبب قدرتها على مقاومة الماء والزيت والبقع. ولكن هذه المواد لا تتحلل في البيئة الطبيعية، مما يجعلها تُعرف بالمواد الكيميائية الأبدية.
من بين هذه المواد، يُعتبر حمض البيرفلوروهكسانويك (PFHxA) واحدًا من الجيل الجديد من PFAS، حيث يتكون من سلاسل جزيئية أقصر ويُعتقد أنه أقل تأثيرًا على صحة الإنسان مقارنة بالمواد القديمة. لكن الدراسة الحالية تُظهر أن هذا الافتراض قد يكون خاطئًا.
الدراسة والتجارب على الفئران
أجرت الدراسة باحثون من معهد ديل مونتي للأعصاب بجامعة روشستر، حيث تم تعريض الفئران الحوامل لهذه المادة من خلال وجبة معينة تُعطى للأم خلال فترة الحمل والرضاعة. ووجد الباحثون أن الفئران الذكور التي تعرضت لمستويات عالية من PFHxA أظهرت تغييرات سلوكية معتدلة مثل انخفاض مستويات النشاط وزيادة في السلوكيات المرتبطة بالقلق وضعف في الذاكرة.
من المثير للاهتمام أن هذه التأثيرات لم تُلاحظ في الفئران الإناث التي تعرضت لنفس مستويات المادة الكيميائية، مما يشير إلى أن هذه التغييرات قد تكون مرتبطة بالنوع البيولوجي.
التأثيرات السلوكية والقلق والذاكرة
تشير النتائج إلى أن التعرض المبكر لـ PFHxA يمكن أن يزيد من السلوكيات المرتبطة بالقلق ويؤدي إلى ضعف في الذاكرة لدى الفئران الذكور. هذه التغييرات السلوكية تذكرنا بالاضطرابات العصبية التنموية التي تكون أكثر شيوعًا عند الذكور، مثل التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD).
الباحثون اقترحوا أن الدماغ الذكوري قد يكون أكثر عرضة للإصابات البيئية خلال مراحل النمو العصبي، مما يثير تساؤلات حول الأمان المفترض لمواد PFAS ذات السلاسل القصيرة.
تداعيات تنظيمية وأبحاث مستقبلية
تشير النتائج إلى أن هناك حاجة ملحة لمزيد من الأبحاث على تأثيرات PFHxA على الصحة العصبية والتطور السلوكي. هذه الدراسة تمثل بداية لفهم أعمق لتأثيرات هذه المواد، وتفتح المجال لدراسات مستقبلية تهدف إلى تقييم التأثيرات الخلوية والجزيئية لـ PFHxA في مناطق الدماغ المرتبطة بالحركة والعواطف والذاكرة.
بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر فهم هذه التأثيرات أمرًا حاسمًا عند اقتراح تنظيمات جديدة حول هذه المادة الكيميائية، خاصة في ظل القيود التي فرضتها الاتحاد الأوروبي على PFHxA.
الخاتمة
على الرغم من أن PFHxA يُعتبر بديلاً أكثر أمانًا للمواد الكيميائية القديمة، إلا أن هذه الدراسة تشير إلى أن التعرض المبكر له يمكن أن يسبب تغيرات سلوكية طويلة الأمد لدى الفئران الذكور. هذه النتائج تثير مخاوف حول الأمان المفترض لمواد PFAS ذات السلاسل القصيرة، وتدعو لمزيد من الأبحاث والضوابط التنظيمية لضمان سلامة هذه المواد على الصحة العامة.