الأساس البيولوجي المشترك بين التوحد وأمراض القلب الخلقية

كشفت دراسة حديثة عن وجود أساس بيولوجي مشترك بين اضطرابات طيف التوحد وأمراض القلب الخلقية. تكمن هذه العلاقة في تراكيب خلوية دقيقة تُعرف بالأهداب. توصل العلماء إلى أن الطفرات في الجينات التي تؤثر على تكوين الأهداب تعطل تطور الدماغ والقلب، مما يفسر سبب تزامن ظهور هاتين الحالتين في كثير من الأحيان.

الأهداب: الجسر بين الدماغ والقلب

تُعد الأهداب تراكيب خلوية تشبه الشعر توجد على سطح معظم الخلايا، ولها دور حيوي في الحركة والإحساس والتواصل بين الخلايا. أظهرت الدراسة أن هناك 45 جينًا تؤثر على نمو الخلايا العصبية ووظيفة الأهداب، مما يفتح الأبواب أمام الكشف المبكر عن التوحد لدى الأطفال حديثي الولادة الذين تم تشخيصهم بعيوب قلبية خلقية.

من بين هذه الجينات، كان الجين المسمى TAOK1 محط اهتمام خاص. حيث تبين أن الطفرات في هذا الجين تزيد من خطر الإصابة بالتوحد، كما أنه مرتبط بتطور القلب والدماغ. هذه الاكتشافات تشير إلى أن هذه الجينات تلعب دوراً مهماً في تطور الحالتين.

التشخيص المبكر والتدخل الفوري

يُعتبر الكشف المبكر عن أمراض القلب الخلقية عند الولادة علامة ممكنة على زيادة خطر الإصابة بالتوحد. هذا الاكتشاف قد يغير استراتيجيات الفحص، مما يتيح التدخل المبكر وتحسين النتائج للأطفال المعرضين للخطر.

عند الحديث عن اضطرابات طيف التوحد، فإن التشخيص المبكر يُمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في تحسين التطور ونوعية الحياة للأطفال المصابين. مع أن العلماء قد حددوا أكثر من 200 جين مرتبط بالتوحد، إلا أن التنبؤ بخطر تطوير التوحد استنادًا إلى المعلومات الجينية ليس بالأمر السهل.

التجارب العلمية والتطورات المستقبلية

قام فريق من العلماء بقيادة الدكتورة هيلين ويلسي من جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، بإجراء تجارب مخبرية على خلايا عصبية بشرية غير ناضجة تم تعديلها لتفقد أحد الجينات الرئيسية. أظهرت النتائج أن الأهداب لا تتكون بشكل صحيح على سطح الخلايا، مما أدى إلى ظهور عيوب في القلب والدماغ.

هذه الدراسة تُعتبر بداية لفهم أعمق للتقاطع البيولوجي بين التوحد وأمراض القلب الخلقية. يعمل الفريق الآن على استكشاف مدى تداخل الجينات المرتبطة بالأهداب مع الجينات المرتبطة بالتوحد وأمراض القلب الخلقية.

الخاتمة

تُقدم هذه الدراسة نظرة جديدة على العلاقة المعقدة بين اضطرابات طيف التوحد وأمراض القلب الخلقية، مما يُمهد الطريق لفهم أعمق لآليات هذه الحالات المشتركة. من خلال التركيز على الأهداب والجينات المرتبطة بها، يمكن تقديم استراتيجيات فحص أكثر فعالية وتحقيق تدخلات مبكرة من شأنها تحسين جودة الحياة للأطفال المعرضين لخطر التوحد وأمراض القلب الخلقية. إن ما تم اكتشافه في هذه الدراسة يُمثل فقط قمة جبل الجليد في فهم التقاطع بين التوحد وأمراض القلب الخلقية.

Scroll to Top