تعتبر القدرة على تحديد الاتجاهات والمسار في العالم من القدرات الأساسية التي نعتمد عليها في حياتنا اليومية. ومع ذلك، فإن كيفية قيام الدماغ بتحديد الأجسام وفصلها عن الخلفية لتحديد الاتجاه كانت دائمًا لغزًا محيرًا. توصلت دراسة حديثة إلى اكتشاف آلية جديدة حول كيفية استخدام الدماغ للأجسام كمرجع لتعزيز الإحساس بالاتجاه، مما يوفر رؤى جديدة حول أسباب فقدان الاتجاه لدى مرضى الزهايمر.
دور الأجسام في تعزيز الإحساس بالاتجاه
أظهرت الدراسة التي أجراها علماء من معهد مونتريال العصبي بجامعة مكغيل أن الخلايا في منطقة ما بعد السبيكولوم في الدماغ تكون أكثر نشاطًا عندما يواجه الكائن جسمًا معينًا. تعتمد هذه الخلايا على الاتجاه الذي ينظر إليه الفرد، حيث يتم تنشيط الخلايا المسؤولة عن الاتجاه نحو الجسم وتعطيل الخلايا المسؤولة عن الاتجاهات الأخرى. هذه الآلية تساعد على تعزيز الإحساس بالاتجاه من خلال توضيح وتحديد الموقع بالنسبة للجسم.
تُظهر هذه العملية كيف أن الدماغ يجمع بين نظامي التعرف البصري والملاحة لتحقيق إدراك أكثر دقة للموقع. من خلال هذا التفاعل، يتمكن الدماغ من استخدام الأجسام كمعالم مكانية لتعزيز الترميز المكاني.
التأثيرات المحتملة على مرضى الزهايمر
تقدم هذه الاكتشافات رؤى هامة حول أسباب فقدان الاتجاه والارتباك المكاني الشائع لدى مرضى الزهايمر. تظهر الأبحاث أن تراكم بروتين تاو، الذي يعد علامة مميزة لمرض الزهايمر، يبدأ في المناطق المسؤولة عن التوجيه المكاني في الدماغ. هذا يفسر لماذا يعاني هؤلاء المرضى من صعوبة في تحديد مواقعهم.
قد يساعد هذا الفهم الجديد في تطوير استراتيجيات علاجية جديدة تركز على تعزيز التعاون بين الأنظمة البصرية والمكانية في الدماغ، مما قد يخفف من أعراض فقدان الاتجاه لدى المرضى.
الدراسة والتجارب على الفئران
أجريت الدراسة باستخدام تجربة على الفئران حيث تم استخدام التصوير بالموجات فوق الصوتية لقياس نشاط الدماغ. أظهرت الفئران إما جسمًا بصريًا مميزًا أو صورة مشوشة لا تحتوي على أجسام محددة. ووجد الباحثون أن منطقة ما بعد السبيكولوم أظهرت تفضيلًا قويًا للأجسام البصرية، مما يعني أن هذه المنطقة هي مركز النظام الذي يتخصص في تتبع الاتجاهات.
أظهرت النتائج أن الخلايا المسؤولة عن الاتجاه الذي تنظر إليه الفأرة تزداد نشاطًا عند مواجهة الأجسام البصرية، مما يعزز من تحديدها لموقعها بالنسبة إلى الجسم. هذا التفاعل يعد دليلاً على أن التعرف على الأجسام يلعب دورًا مهمًا في تعزيز الإدراك المكاني.
الخاتمة
توفر هذه الدراسة فهمًا جديدًا ومثيرًا حول كيفية استخدام الدماغ للأجسام لتعزيز الإحساس بالاتجاه. من خلال كشف النقاب عن التفاعل بين الأنظمة البصرية والمكانية، يمكن للعلماء الآن تطوير استراتيجيات علاجية لمساعدة المرضى الذين يعانون من اضطرابات الإدراك المكاني مثل الزهايمر. هذه النتائج تقدم خطوة هامة نحو فهم أعمق لكيفية عمل الدماغ في تحديد الاتجاهات، مما قد يفتح آفاقًا جديدة في علاج الأمراض العصبية.