اكتشاف جديد في تحليل أنماط التنفس: نافذة على العقل والجسم

في خطوة مثيرة للاهتمام في مجال البحث العلمي، نجح فريق من معهد وايزمان للعلوم في إسرائيل في تطوير جهاز يمكنه تحليل أنماط التنفس للأفراد وتقديم رؤى فريدة حول حالتهم العقلية والجسدية. يعتبر التنفس عملية حيوية ومعقدة، وقد أظهرت الدراسات الأخيرة أنماطًا مميزة في التنفس يمكن أن تعكس السمات الشخصية والحالات العاطفية.

الرابط بين التنفس والدماغ

تمثل هذه الدراسة امتدادًا للاهتمام البحثي في كيفية معالجة الدماغ لمعلومات الروائح أثناء عملية الشهيق. يتساءل الباحثون: هل يمكن أن تعكس أنماط التنفس الفريدة لكل فرد الطبيعة الفريدة لكل دماغ؟

للتحقق من هذه الفرضية، طور الفريق جهازًا خفيف الوزن يمكن ارتداؤه ليتتبع تدفق الهواء عبر الأنف بشكل مستمر لمدة 24 ساعة. يعتمد الجهاز على أنابيب ناعمة توضع تحت فتحات الأنف، مما يتيح رصدًا دقيقًا لأنماط التنفس.

تجربة الجهاز على المتطوعين

قام الفريق بتركيب الجهاز على مئة شاب من الأصحاء وطلب منهم ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي. باستخدام البيانات المجمعة، تمكن الفريق من تحديد الأفراد بناءً على أنماط تنفسهم بدقة عالية، تنافس تقنيات التعرف الصوتي في دقتها.

أعربت تيمنا سوروكا، إحدى مؤلفات الدراسة، عن دهشتها من قدرة الجهاز على تمييز الأفراد بدقة رغم اختلاف الأنشطة التي يمارسونها مثل الجري أو الدراسة أو الراحة. تشير النتائج إلى أن أنماط التنفس كانت متميزة بشكل ملحوظ.

العوامل المرتبطة بأنماط التنفس

كشفت الدراسة عن ارتباطات مثيرة للاهتمام بين بصمات التنفس ومؤشر كتلة الجسم ودورة النوم والاستيقاظ ومستويات الاكتئاب والقلق وحتى السمات السلوكية. على سبيل المثال، أظهر المشاركون الذين سجلوا درجات أعلى نسبيًا في استبيانات القلق أنماط تنفس مختلفة أثناء النوم.

يقول نوام سوبل، مؤلف الدراسة الرئيسي، إننا نفترض بشكل بديهي أن حالتنا العقلية تؤثر على طريقة التنفس، لكن ربما يكون العكس صحيحًا. قد يكون لتغيير طريقة التنفس تأثير على الحالة العقلية والعاطفية.

التحديات والتطبيقات المستقبلية

يواجه الجهاز الحالي تحديات في الاستخدام اليومي حيث يمكن أن يثير وجود أنابيب تحت الأنف انطباعات سلبية. بالإضافة إلى ذلك، لا يأخذ الجهاز بعين الاعتبار التنفس عبر الفم ويمكن أن ينزلق أثناء النوم. يهدف الفريق إلى تصميم نسخة أكثر راحة واختفاء للاستخدام اليومي.

يعمل الباحثون على استكشاف إمكانية تقليد أنماط التنفس الصحية لتحسين الحالة العقلية والعاطفية. يبقى الهدف المستقبلي هو الانتقال من التشخيص إلى العلاج.

الخاتمة

يمثل هذا البحث تقدمًا مثيرًا في فهم العلاقة بين التنفس والصحة العقلية والجسدية. على الرغم من التحديات القائمة، فإن الابتكارات في تحليل أنماط التنفس قد تفتح آفاقًا جديدة لتشخيص وعلاج الحالات العقلية والعاطفية، مما يعزز من فهمنا لكيفية تأثير العمليات البيولوجية على الصحة العامة.

Scroll to Top