توصل العلماء مؤخرًا إلى اكتشاف مثير حول كيفية تشكيل الدماغ لذكريات تتعلق بالوجبات الغذائية. هذا الاكتشاف، الذي نُشر في مجلة Nature Communications، يفتح الآفاق لفهم أعمق لاضطرابات الأكل وكيفية تأثير مشاكل الذاكرة على عادات الأكل.
الخلايا الدماغية وذكريات الوجبات
أظهرت الدراسة أن الخلايا العصبية في منطقة الحُصين البطني من الدماغ تنشط أثناء تناول الطعام، مكونة ما يُعرف بـ”إنغرامات الوجبات”، وهي آثار ذاكرية متخصصة تخزن المعلومات حول تجربة تناول الطعام. وبينما كان العلماء يدرسون الإنغرامات لدورها في تخزين الذكريات الأخرى في الدماغ، فإن هذه الدراسة حددت إنغرامات مخصصة لتجارب الوجبات.
يُعرّف الإنغرام بأنه الأثر المادي الذي تتركه الذاكرة في الدماغ. وتعمل إنغرامات الوجبات كقواعد بيانات بيولوجية معقدة تخزن أنواعًا متعددة من المعلومات مثل مكان تناول الطعام والوقت الذي أُكل فيه.
تأثير الأكل المُشتت
النتائج الجديدة لها أهمية كبيرة في فهم اضطرابات الأكل البشرية. المرضى الذين يعانون من إعاقات في الذاكرة، مثل الذين يعانون من الخرف أو إصابات الدماغ، قد يتناولون وجبات متعددة بسرعة لأنهم لا يستطيعون تذكر تناولهم للطعام.
علاوة على ذلك، فإن الأكل المُشتت، مثل تناول الوجبات الخفيفة دون وعي أثناء مشاهدة التلفاز أو التصفح على الهاتف، قد يضعف ذكريات الوجبات ويساهم في الإفراط في الاستهلاك.
تتكون إنغرامات الوجبات أثناء فترات التوقف القصيرة بين اللقمات عندما يقوم دماغ الفئران المختبرية بمسح البيئة الغذائية بشكل طبيعي. هذه اللحظات من الوعي تسمح للخلايا العصبية المتخصصة في الحُصين بدمج تيارات متعددة من المعلومات.
آلية “ذكريات الوجبات”
استخدم فريق البحث تقنيات علم الأعصاب المتقدمة لمراقبة نشاط الدماغ لدى الفئران أثناء تناولها الطعام، مما وفر أول نظرة في الوقت الحقيقي عن كيفية تشكيل ذكريات الوجبات.
الخلايا العصبية الخاصة بذاكرة الوجبات تختلف عن الخلايا الدماغية المشاركة في أنواع أخرى من تكوين الذكريات. عندما قام الباحثون بتدمير هذه الخلايا العصبية بشكل انتقائي، أظهرت الفئران المختبرية ضعفًا في ذاكرة المواقع المتعلقة بالطعام لكنها احتفظت بذاكرة مكانية طبيعية للمهام غير المتعلقة بالطعام.
تطبيقات في إدارة الأكل
تشير النتائج إلى إمكانية تطوير نهج سريرية جديدة لعلاج السمنة وإدارة الوزن. تركز استراتيجيات إدارة الوزن الحالية غالبًا على تقليل تناول الطعام أو زيادة ممارسة الرياضة، لكن البحث الجديد يقترح أن تعزيز تكوين ذكريات الوجبات قد يكون له نفس الأهمية.
أوضح الباحثون أن تذكر ما أكلته ومتى أكلته يعتبر مهمًا للأكل الصحي بقدر أهمية اختيارات الطعام نفسها.
الخاتمة
يعد اكتشاف إنغرامات الوجبات خطوة هامة نحو فهم كيف يؤثر الدماغ على عادات الأكل. من خلال التعمق في كيفية تشكيل الذكريات المتعلقة بالوجبات، يمكن أن تفتح هذه الدراسة آفاقًا جديدة لعلاج اضطرابات الأكل والسمنة. كما يوضح البحث أهمية الوعي والتركيز أثناء تناول الطعام للحفاظ على توازن صحي بين العقل والجسم.