اكتشافات جديدة حول تكوين الخلايا العصبية في دماغ الإنسان البالغ

في دراسة حديثة قام بها فريق من الباحثين في معهد كارولنسكا بقيادة البروفيسور يوناس فريسين، تم اكتشاف تفاصيل جديدة حول تكوين الخلايا العصبية في دماغ الإنسان البالغ، وخاصة في منطقة الحُصين التي تلعب دورًا حيويًا في التعلم والذاكرة وتنظيم العواطف.

أهمية الحُصين في الدماغ البشري

الحُصين هو جزء مهم من الدماغ يلعب دورًا أساسيًا في العمليات المعرفية مثل الذاكرة والتعلم. ومن المعروف أن هذه المنطقة تتأثر بالعديد من العوامل مثل التقدم في العمر والأمراض العصبية والنفسية. لذلك، فإن فهم كيفية تكوين الخلايا العصبية الجديدة في هذه المنطقة قد يفتح أبوابًا جديدة لعلاج العديد من الاضطرابات العصبية.

في عام 2013، أظهرت دراسة رائدة أن الحُصين لديه القدرة على إنتاج خلايا عصبية جديدة في البالغين، مما يغير الفهم التقليدي بأن الدماغ البشري يتوقف عن إنتاج خلايا جديدة بعد مرحلة الطفولة.

التقنيات الحديثة المستخدمة في الدراسة

استعان الباحثون في هذه الدراسة بتقنيات متقدمة مثل تسلسل الحمض النووي الريبي من نواة الخلية الفردية (single-nucleus RNA sequencing) وتحليل التدفق الخلوي (flow cytometry) لدراسة خصائص الخلايا. هذه التقنيات تسمح بتحليل النشاط الجيني في نوى الخلايا الفردية وتحديد مراحل مختلفة من تطور الخلايا العصبية.

ولمحاكاة هذه البيانات، استخدم الباحثون التعلم الآلي لتحديد مراحل التطور العصبي بدءًا من الخلايا الجذعية وصولاً إلى الخلايا العصبية غير الناضجة، حيث تم العثور على العديد منها في مرحلة الانقسام.

تحديد مواقع الخلايا الجديدة

لتحديد مواقع الخلايا الجديدة في الدماغ، اعتمد الباحثون على تقنيات مثل RNAscope وXenium التي توضح أماكن نشاط الجينات المختلفة في الأنسجة. أكدت هذه الطرق أن الخلايا الجديدة تتشكل في منطقة محددة من الحُصين تُعرف بالجُزء السِني، وهي منطقة ذات أهمية كبيرة لتشكيل الذاكرة والمرونة المعرفية.

آمال جديدة لعلاج الاضطرابات العصبية

تبين أن الخلايا الجذعية العصبية في دماغ الإنسان البالغ تتشابه مع تلك الموجودة في الفئران والخنازير والقرود، ولكن مع بعض الاختلافات في نشاط الجينات. وأظهرت الدراسة أيضًا تفاوتًا كبيرًا بين الأفراد من حيث عدد الخلايا الجذعية العصبية، حيث يمتلك بعض الأشخاص عددًا كبيرًا منها بينما لا يمتلك آخرون إلا عددًا قليلاً.

هذا الاكتشاف يمكن أن يكون له تأثيرات كبيرة في تطوير علاجات تجديدية تهدف إلى تحفيز تكوين الخلايا العصبية في حالات الاضطرابات العصبية والنفسية، مما يفتح آفاقًا جديدة لعلاج الأمراض المرتبطة بالتقدم في العمر.

الخاتمة

تمثل هذه الدراسة خطوة مهمة نحو فهم أعمق لكيفية عمل الدماغ البشري وتغيره على مدار الحياة. من خلال تحديد وجود وتكوين الخلايا العصبية الجديدة في دماغ الإنسان البالغ، يمكن للعلماء الآن استكشاف طرق جديدة لتحفيز هذه العملية في سياق العلاجات المستقبلية للأمراض العصبية والنفسية. ومع أن هناك حاجة لمزيد من البحث، إلا أن هذه النتائج تقدم أملًا كبيرًا في تحسين جودة الحياة لكثير من الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الدماغ.

Scroll to Top