تُعتبر مرحلة الببغاء عند الأطفال الرضع أكثر من مجرد أصوات لطيفة وغير مترابطة، بل هي استراتيجية تعلم تعتمد على التغذية الراجعة التي تؤسس للغة. أظهرت دراسة جديدة أن قرود القشيات، رغم كونها أقارب بعيدة، تمر هي الأخرى بمرحلة الببغاء وتتعلم بشكل أسرع عند استجابة البالغين، مما يشير إلى وجود آلية مشتركة.
نمو الدماغ ودوره في التعلم الصوتي
تُظهر الأبحاث أن كل من البشر وقرود القشيات يمرون بمرحلة نمو دماغي سريع بعد الولادة، على عكس الشمبانزي والقرود المكاكية. هذا النمو السريع يجعلهم أكثر حساسية للتغذية الاجتماعية، مما يدعم تطور مهارات التواصل.
في دراسة قادتها طالبة الدكتوراه ريناتا بيازي من جامعة برينستون، تم تحليل بيانات سابقة عن تطور الدماغ لأربع أنواع من الرئيسيات، بما في ذلك البشر وقرود القشيات، حيث أظهرت النتائج أن الدماغ ينمو بسرعة أكبر عند الرضع مقارنة بالرئيسيات الأخرى.
تأثير البيئة الاجتماعية والرعاية المتعددة
تشير الدراسة إلى أن البيئة الاجتماعية التي يولد فيها الرضيع لها تأثير كبير على تعلمه. في حالة قرود القشيات، كما هو الحال عند البشر، لا تقوم الأمهات بتربية صغارها بمفردها، بل يشارك العديد من مقدمي الرعاية في الاستجابة لكل بكاء، مما يزيد من فرص التعلم.
توضح هذه التفاعلات المبكرة، مع النمو السريع للدماغ، كيف يمكن أن تتطور المهارات الصوتية في وقت لاحق. باستخدام نموذج رياضي، تمكن الباحثون من إظهار كيف أن هذه التفاعلات تساعد في إعداد المسرح لتطوير المهارات الصوتية.
الاستراتيجيات المشتركة بين البشر وقرود القشيات
على الرغم من أن البشر وقرود القشيات يشتركون في استراتيجيات تعلم مماثلة، إلا أنهم يختلفون عن أقربائهم الآخرين مثل الشمبانزي. هذه الاختلافات تُظهر كيف أن تطور الدماغ والبيئة الاجتماعية يلعبان دوراً محورياً في تطور التعلم الصوتي.
يُعتقد أن ولادة الدماغ في حالة غير ناضجة نسبياً بالنسبة للقرود الأخرى، والبيئة الاجتماعية الغنية بالأصوات، قد ساهمتا في تطور التعلم الصوتي الموجه اجتماعياً في الطفولة المبكرة عند البشر وقرود القشيات.
الخاتمة
تلقي هذه الدراسة الضوء على كيفية تأثير التغذية الراجعة الاجتماعية على تطور التعلم الصوتي عند الرضع، سواء كانوا بشراً أو قرود القشيات. إن النمو السريع للدماغ والتفاعلات الاجتماعية المتعددة يلعبان دوراً حيوياً في هذه العملية، مما يبرز أهمية البيئة الصوتية الغنية في دعم التواصل البشري وتطوره منذ مراحل الطفولة المبكرة.
