نجح علماء من جامعة كولومبيا في تحقيق تقدم كبير في مجال البحث العلمي المتعلق بالصحة العامة من خلال رسم خريطة ثلاثية الأبعاد لمستقبلات المذاق الحلو لدى الإنسان. هذا الاكتشاف يمكن أن يؤدي إلى تطوير منظمات جديدة لهذه المستقبلات مما قد يغير بشكل كبير ميلنا وشغفنا للسكر.
مستقبلات المذاق الحلو: بوابة لفهم أفضل
تلعب مستقبلات المذاق الحلو على لساننا دورًا حيويًا في اكتشاف مجموعة واسعة من المواد الكيميائية التي تتميز بطعمها الحلو، بدءًا من السكر العادي المتواجد في المائدة وصولاً إلى الإنزيمات المضادة للميكروبات في بيض الدجاج. على عكس المستقبلات الأخرى مثل المر أو الحامض، تطورت مستقبلات المذاق الحلو لتكون أقل حساسية، مما يساعدنا على التركيز على الأطعمة الغنية بالسكر للحصول على الطاقة، ويدفعنا إلى تناول الكثير من الحلويات لتلبية حاجتنا للطعم الحلو.
تحديد بنية مستقبل المذاق الحلو البشري هو مفتاح لفهم كيف يساعدنا هذا المستقبل في اكتشاف الطعم الحلو، مما يساهم بشكل أساسي في توسيع معرفتنا بإدراك الطعم.
تحديات تحديد بنية المستقبل
استغرق تحديد بنية المستقبل ثلاث سنوات من الجهود المستمرة، حيث واجه الباحثون صعوبة في زراعة هذا البروتين في خلايا في الأطباق المعملية. احتاج الحصول على البروتين النقي المطلوب لرسم الخريطة إلى أكثر من 150 تحضير مختلف.
استخدم العلماء تقنية المجهر الإلكتروني بالتبريد لتحليل مستقبل المذاق الحلو البشري. هذه التقنية تعتمد على توجيه حزم من الإلكترونات نحو الجزيئات المجمدة في محلول، مما يساعد الباحثين على التقاط لقطات لهذه الجزيئات من زوايا مختلفة، ومن ثم إعادة بناء هياكلها ثلاثية الأبعاد على المستوى الذري.
اكتشاف الجيب الرابط: خطوة حاسمة
كشف المجهر الإلكتروني بالتبريد عن الجيب الرابط في المستقبل، وهو التجويف الذي تلتصق فيه المواد الحلوة وتبدأ سلسلة من التفاعلات التي تدفع شغفنا القوي للحلويات. فهم شكل هذا الجيب بدقة هو أمر حيوي لفهم كيفية عمل المستقبل.
يتكون مستقبل المذاق الحلو البشري من جزأين رئيسيين، أحدهما يسمى TAS1R2، ويتضمن الجيب الرابط. معرفة بنية هذا الجزء قد تساعدنا أيضًا في فهم لماذا يختلف الناس في مدى حساسيتهم للطعم الحلو.
تطبيقات مستقبلية للاكتشاف
رسم العلماء بنية المستقبل أثناء ارتباطه باثنين من المحليات الصناعية الأكثر استخدامًا، الأسبارتام والسكرالوز، واللذان يعتبران أكثر حلاوة من السكروز بمعدل 200 و600 مرة على التوالي. قام الباحثون بتغيير أجزاء صغيرة من المستقبل بشكل منهجي مما ساعد في توضيح دور كل جزء في ارتباطه بالمحليات.
يرى الباحثون أن فهم بنية المستقبل يمكن أن يدعم الأبحاث المتعلقة بعمليات الأيض وكذلك الاضطرابات مثل السكري، نظرًا لوجود مستقبل المذاق الحلو في أنحاء مختلفة من الجسم مثل البنكرياس، حيث يمكن أن يلعب دورًا في وظائف الأعضاء.
الخاتمة
يمثل هذا الاكتشاف خطوة هامة نحو فهم أفضل لكيفية عمل مستقبلات المذاق الحلو في الجسم. قد تساعد هذه المعرفة في تطوير محليات صناعية جديدة تكون أكثر فعالية وأقل ضررًا. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تفتح هذه الأبحاث آفاقًا جديدة في دراسة الاضطرابات الأيضية وتحسين الصحة العامة.