تأثير الفيتامينات على علاج الجلوكوما: دراسة تكشف النقاب عن دورها المحتمل

الجلوكوما، أو ما يُعرف بمرض الزرق، هو حالة تصيب العين حيث يتسبب في تلف العصب البصري تدريجيًا، مما يؤدي إلى فقدان الرؤية وفي أسوأ الحالات إلى العمى. يُعتبر الضغط العالي في العين هو العامل الرئيسي المسبب للمرض، وتُستخدم قطرات العين والعلاجات بالليزر والجراحة لتقليل هذا الضغط وبالتالي إبطاء تقدم المرض. لكن فعالية هذه العلاجات تختلف من شخص لآخر.

دور الهوموسيستين في مرض الجلوكوما

لطالما كان الباحثون في مجال الجلوكوما يعتقدون أن مادة الهوموسيستين تلعب دورًا مهمًا في فهم هذا المرض. وقد قامت مجموعة من الباحثين في معهد كارولينسكا بدراسة دور الهوموسيستين بطرق متعددة. وفي دراسة حديثة، اكتشف الباحثون أن إعطاء فئران مصابة بالجلوكوما مستويات مرتفعة من الهوموسيستين لم يؤدي إلى تفاقم المرض.

كما وجد الباحثون أن ارتفاع مستويات الهوموسيستين في دم الأشخاص المصابين بالجلوكوما لم يكن له ارتباط بسرعة تقدم المرض، وأن الجلوكوما لم تكن أكثر شيوعًا لدى الأشخاص الذين لديهم استعداد وراثي لزيادة مستويات الهوموسيستين. وبناءً على هذه النتائج، استنتج الباحثون أن الهوموسيستين ليس هو المسبب للمرض بل هو نتيجة له.

التحقيق في المسارات الأيضية للهوموسيستين

بما أن الهوموسيستين هو جزء طبيعي من عملية التمثيل الغذائي في الجسم، رغب الباحثون في دراسة المسارات الأيضية التي تشمل الهوموسيستين لدى كل من القوارض والبشر المصابين بالجلوكوما. ووجدوا عدة اضطرابات، كان أبرزها التغيرات الأيضية المرتبطة بقدرة الشبكية على استخدام بعض الفيتامينات. هذا التغيير يعني أن عملية الأيض كانت بطيئة في الشبكية، مما ساهم في تطور المرض.

وصرح جيمس تريبل، الباحث والأستاذ المساعد في قسم علوم الأعصاب السريرية بمعهد كارولينسكا، قائلاً: “استنتاجنا هو أن الهوموسيستين هو مجرد مراقب في عملية المرض وليس لاعبًا. قد تكشف مستويات الهوموسيستين المتغيرة أن الشبكية فقدت قدرتها على استخدام بعض الفيتامينات الضرورية للحفاظ على عملية الأيض الصحية.”

تأثير المكملات الفيتامينية على الجلوكوما

في تجارب أجريت على الفئران والجرذان المصابة بالجلوكوما، أعطى الباحثون مكملات من فيتامينات ب (B6، B9 وB12) بالإضافة إلى الكولين. وقد كان لهذا تأثير إيجابي حيث تم إيقاف تلف العصب البصري بشكل كامل في الفئران التي كان لديها جلوكوما تتطور بشكل أبطأ. أما في الجرذان، التي كانت تعاني من نوع أكثر عدوانية من المرض، فقد تم إبطاء تقدم المرض.

يبرز الباحثون أن هذه التجارب تمت دون معالجة الضغط داخل العين، مما يشير إلى أن مزيج الفيتامينات يؤثر على المرض بطريقة مختلفة عن تقليل الضغط.

أضاف تريبل قائلاً: “النتائج مشجعة لدرجة أننا بدأنا تجربة سريرية، حيث يتم حاليًا تجنيد المرضى في مستشفى العيون S:t Eriks في ستوكهولم.”

الخاتمة

تُظهر هذه الدراسة الجديدة أن الهوموسيستين قد لا يكون المحرك الأساسي لمرض الجلوكوما بل هو نتيجة للمرض نفسه. ومع ذلك، فإن اكتشاف التغيرات الأيضية المرتبطة باستخدام الفيتامينات في الشبكية يفتح آفاقًا جديدة في علاج الجلوكوما باستخدام مكملات الفيتامينات. تشير النتائج الأولية إلى أن هذه المكملات يمكن أن تكون فعالة في إبطاء أو حتى إيقاف تطور المرض، مما يوفر بديلاً محتملاً للعلاجات الحالية التي تركز على تقليل الضغط داخل العين. ومع بدء التجارب السريرية، تظل الآمال كبيرة في أن هذه الاكتشافات ستقود إلى تقدم كبير في علاج الجلوكوما.

Scroll to Top